وقال ذو الرمة:
وابيض موشى القميص نصبته * على خصر مقلاة سفيه جديلها فسمى اضطراب زمامها سفها، لان السفه في الأصل هو الطيش وسرعة الاضطراب والحركة، وانما وصف ناقته بالذكاء والنشاط.
والوجه الثالث: ان يكون المعنى انه تعالى لا يقطع عنكم خيره ونائله حتى تملوا من سؤاله، ففعلهم ملل على الحقيقة، وسمي فعله تعالى مللا وليس على الحقيقة. وكذلك للازدواج والتشاكل في الصورة، وإن كان المعنى مختلفا. ومثله قوله تعالى ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾ (1) (وجزاء سيئة سيئة مثلها) (2). ومثله قول الشاعر:
الا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا وانما أراد المجازاة على الجهل، لان العاقل لا يفخر بالجهل ولا يتمدح به.
واعلم أن لهذه الاخبار والمضافة إلى النبي صلى الله عليه وآله مما يقتضي ظاهرها تشبيها لله تعالى بخلقه أو جورا له في حكمه أو ابطالا لأصل عقلي، نظائر كثيرة، وان كانت لا تجري في الشهرة مجرى ما ذكرناه، ومتى تقصينا الكلام على جميع ذلك طال الكتاب جدا وخرج عن الغرض المقصود به، لا بأشرطنا ان لا نتكلم ولا نتأول فيما يضاف إلى الأنبياء عليهم السلام من المعاصي إلا على آية من الكتاب، أو خبر معلوم أو مشهور يجري في شهرته مجرى المعلوم وفيما ذكرناه بلاغ وكفاية.
نحن نبتدئ بالكلام على ما يضاف إلى الأئمة عليهم السلام مما ظن ظانون انه قبيح ونرتب ذلك كما رتبناه في الأنبياء عليهم السلام، ومن الله نستمد حسن المعونة والتوفيق.