تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٧١
فلما سأله العباس اختار أحد الامرين اللذين خير فيهما. وكل هذا غير ممتنع.
في وجه قول سيدنا محمد صلى الله عليه وآله عن وضع الرب قدمه في النار : (مسألة): فإن قيل: فما قولكم في الخبر الذي رواه محمد بن جرير الطبري بإسناده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله " ان النار تقول هل من مزيد إذا القي فيها أهلها، حتى يضع الرب تعالى قدمه فيها.
وتقول قط قط فحينئذ تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض. وقد روي مثل ذلك عن انس بن مالك؟.
(الجواب): قلنا لا شبهة في أن كل خبر اقتضى، ما تنفيه أدلة العقول فهو باطل مردود، إلا أن يكون له تأويل سايغ غير متعسف، فيجوز ان يكون صحيحا، ومعناه مطابقا للأدلة. وقد دلت العقول ومحكم القرآن والصحيح من السنة على أن الله تعالى ليس بذي جوارح ولا يشبه شيئا من المخلوقات، وكل خبر نافى ما ذكرناه وجب ان يكون إما مردودا أو محمولا على ما يطابق ما ذكرنا من الأدلة، وخبر القدم يقتضي ظاهره التشبيه المحض، فكيف يكون مقبولا وقد قال قوم أنه لا يمتنع ان يريد بذكر القدم القوم الذين قدمهم لها. واخبر أنهم يدخلون إليها ممن استحقها باعماله.
فأما قول النار فهل من مزيد؟ فقد قيل معنى ذلك انها صارت بحيث لا موضع فيها للزيادة، وبحيث لو كانت ممن تقول لقالت قد امتلأت وما بقي في مزيد، وأضاف القول إليها على سبيل المجاز كما أضاف الشاعر القول إلى الحوض:
امتلا الحوض فقال فطني * مهلا رويدا قد ملأت بطني وقد قال أبو علي الجبائي ان القول الذي هو هل من مزيد، من قول الخزنة. كما يقال: قالت البلدة الفلانية كذا اي قال أهلها. وكما قال
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست