وآله أنه قال: " سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته " وهذا خبر مشهور لا يمكن تضعيفه ونسبته إلى الشذوذ؟.
(الجواب): قلنا: أما هذا الخبر فمطعون عليه مقدوح في راويه، فإن راويه قيس بن أبي حازم، وقد كان خولط في عقله في آخر عمره مع استمراره على رواية الاخبار. وهذا قدح لا شبهة فيه لان كل خبر مروي عنه لا يعلم تاريخه يجب ان يكون مردودا، لأنه لا يؤمن ان يكون مما سمع منه في حال الاختلال. وهذه طريقة في قبول الاخبار وردها ينبغي ان يكون أصلا ومعتبرا فيمن علم منه الخروج ولم يعلم تاريخ ما نقل عنه. على أن قيسا لو سلم من هذا القدح كان مطعونا فيه من وجه آخر، وهو أن قيس بن أبي حازم كان مشهورا بالنصب والمعاداة لأمير المؤمنين صلاة الله وسلامه عليه والانحراف عنه، وهو الذي قال: رأيت علي بن أبي طالب (ع) على منبر الكوفة يقول: انفروا إلى بقية الأحزاب، فابغضته حتى اليوم في قلبي. إلى غير ذلك من تصريحه بالمناصبة والمعاداة. وهذا قادح لا شك في عدالته.
على أن للخبر وجها صحيحا يجوز ان يكون محمولا عليه إذا صح، لان الرؤية قد تكون بمعنى العلم، وهذا ظاهر في اللغة ويدل عليه قوله تعالى:
(ألم تر كيف فعل ربك بعاد)، وقوله: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل). وقوله تعالى: (أولم ير الانسان انا خلقناه من نطفة). وقال الشاعر:
رأيت الله إذ سمى نزارا * واسكنهم بمكة قاطنينا فيجوز ان يكون معنى الخبر على هذا " انكم تعلمون ربكم علما ضروريا كما تعلمون القمر ليلة البدر من غير مشقة ولا كد " نظر. وليس لاحد ان يقول إن الرؤية إذا كانت بمعنى العلم تعدت إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على أحدهما على مذهب أهل اللسان، والرؤية بالبصر تتعدى إلى مفعول واحد، فيجب ان يحمل الخبر مع فقد المفعول الثاني على الرؤية