تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٧٤
العقاب حقيقة في الآلام المبتدئة، من حيث كان اشتقاق لفظة العقاب من المعاقبة التي لابد من تقدم سبب لها وليس هذا في العذاب.
ورابعها: ان يكون أراد بالميت من حضره الموت ودنا منه. فقد يسمى بذلك القوة المقاربة على سبيل المجاز. فكأنه صلى الله عليه وآله أراد أن من حضره الموت يتأذى ببكاء أهله عنده، ويضعف نفسه، فيكون ذلك كالعذاب له. وكل هذا بين بحمد الله ومنه.
في قول سيدنا محمد صلى الله عليه وآله إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى الخبر المروي عن عبد الله بن عمر أنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء. ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وآله عند ذلك:
اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك. والخبر الذي يرويه أنس قال رسول الله: ما من قلب آدمي إلا وهو بين إصبعين من أصابع الله تعالى، فإذا شاء ان يثبته ثبته واذشاء ان يقلبه قلبه؟.
(الجواب): قلنا إن لمن تكلم في تأويل هذه الأخبار ولم يدفعها لمنافاتها لأدلة العقول ان يقول إن الإصبع في كلام العرب وان كانت هي الجارحة المخصوصة، فهي أيضا الأثر الحسن. يقال لفلان على ماله وابله إصبع حسنة. اي قيام واثر حسن. قال الراعي واسمه عبيد الله بن الحصين ويكنى بأبي جندل، يصف راعيا حسن القيام على إبله:
ضعيف العصى بادي العروق ترى له * عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا وقال لبيد:
من يبسط الله عليه إصبعا * بالخير والشر بأي أولعا يملا له منه ذنوبا مترعا
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست