تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٩٧
ورابعها: أن يريد استغفروه قولا ونطقا ثم توبوا إليه لتكونوا بالتوبة فاعلين لما يسقط العقاب عنده.
وخامسها: أنه خاطب المشركين بالله تعالى فقال لهم: استغفروه من الشرك بمفارقته ثم توبوا إليه، أي ارجعوا إلى الله تعالى بالطاعات وأفعال الخير، لأن الانتفاع بذلك. لأن ذلك لا يكون إلا بتقديم الاستغفار من الشرك ومفارقته. والتائب والآئب والنايب والمنيب بمعنى واحد.
وسادسها: ما أومى إليه أبو علي الجبائي في تفسير هذه الآية لأنه قال أراد بقوله (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) أي أقيموا على التوبة إليه، لأن التائب إلى الله تعالى من ذنوبه يجب أن يكون تائبا إلى الله في كل وقت يذكر فيه ذنوبه بعد توبته الأولى، لأنه يجب أن يكون مقيما على الندم على ذلك، وعلى العزم على أن لا يعود إلى مثله. لأنه لو نقض هذا العزم لكان عازما على العود، وذلك لا يجوز. وكذلك لو نقض الندم لكان راضيا بالمعصية مسرورا بها وهذا لا يجوز. وقد حكينا ألفاظه بأعيانها، حمله على هذا الوجه أنه أراد التكرار والتأكيد والأمر بالتوبة بعد التوبة. كما يقول أحدنا لغيره: " اضرب زيدا ثم اضربه " " وافعل هذا ثم افعل ". وهذا الذي حكينا عن أبي علي أولى مما ذكره في صدر هذه السورة، لأنه قال هناك وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، أن معناه استغفروا ربكم من ذنوبكم السالفة ثم توبوا إليه بعد ذلك من كل ذنب يكون منكم أو معصية، وهذا ليس بشئ، لأنه إذا حمل الاستغفار المذكور في الآية على التوبة فلا معنى لتخصيصه بما سلف دون ما يأتي، لأن التوبة من ذلك أجمع واجبة، ولا معنى أيضا لتخصيص قوله ثم توبوا إليه بالمعاصي المستقبلة دون الماضية، لأن الماضي والمستقبل مما يجب التوبة منه. فالذي حكيناه أو لا عنه أشفى وأولى.
حول إنكاح ابنته (ع):
(مسألة): فإن قيل فما الوجه في عدول شعيب عليه السلام عن جواب
(٩٧)
مفاتيح البحث: التوبة (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست