تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٩٢
سلطتك على جسده كله إلا قلبه وبصره، قال فأتاه فنفخه من لدن قرنه على قدمه فصار قرحة واحدة، فقذف على كناسة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا تختلف الدواب على جسده، إلى شرح طويل نصون كتابنا عن ذكر تفصيله، فمن يقبل عقله هذا الجهل والكفر كيف يوثق بروايته، ومن لا يعلم أن الله تعالى لا يسلط إبليس على خلقه، وأن إبليس لا يقدر على أن يقرح الأجساد ولا يفعل الأمراض كيف يعتمد روايته؟.
فأما هذه الأمراض العظيمة النازلة بأيوب عليه السلام فلم تكن إلا اختبارا وامتحانا وتعريضا للثواب بالصبر عليها والعوض العظيم النفيس في مقابلتها، وهذه سنة الله تعالى في أصفيائه وأوليائه عليهم السلام. فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال وقد سئل أي الناس أشد بلاء فقال:
" الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس " فنظهر من صبره (ع) على محنته وتماسكه ما صار به إلى الآن مثلا، حتى روي أنه كان في خلال ذلك كله صابرا شاكرا محتسبا ناطقا بما له فيه المنفعة والفايدة، وأنه ما سمعت له شكوى ولا تفوه بتضجر ولا تبرم، فعوضه الله تعالى مع نعيم الآخرة العظيم الدائم أن رد عليه ماله وأهله وضاعف عددهم في قوله تعالى:
(وآتيناه أهله ومثلهم معهم) وفي سورة ص (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم) (1)، ثم مسح ما به من العلل وشفاه وعافاه وأمره على ما وردت به الرواية، بأن أركض برجلك الأرض فظهرت له عين فاغتسل منها فتساقط ما كان على جسده من الداء. قال الله تعالى: (أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) (2) والركض هو التحريك ومنه ركضت الدابة.
فإن قيل، أفتصححون ما روي أن الجذام أصابه حتى تساقطت أعضاؤه؟.

(1) ص الآية 43 (2) ص الآية 42
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست