تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٠١
الضرر غير مقصود، وأن يكون القصد كله إلى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر. فإن أدى ذلك إلى ضرر فهو غير قبيح.
ومن العجب، أن أبا علي الجبائي ذكر هذا الوجه في تفسيره، ثم نسب مع ذلك موسى (ع) إلى أنه فعل معصية صغيرة، ونسب معصيته إلى الشيطان. وقد قال في قوله (رب إني ظلمت نفسي) أي في هذا الفعل الذي لم تأمرني به، وندم على ذلك وتاب إلى الله منه، فيا ليت شعري، ما الذي فعل بما لم يؤمر به، وهو إنما دافع الظالم ومانعه، ووقعت الوكزة منه على وجه الممانعة من غير قصد. ولا شبهة في أن الله تعالى أمره بدفع الظلم عن المظلوم، فكيف فعل ما لم يؤمر به، وكيف يتوب من فعل الواجب؟
وإذا كان يريد أن ينسب المعصية إليه فما الحاجة به إلى ذكر المدافعة والممانعة، وله أن يجعل الوكزة مقصودة على وجه تكون المعصية به صغيرة.
فإن قيل: أليس لا بد أن يكون قاصدا إلى الوكزة وإن لم يكن مريدا بها إتلاف النفس؟.
قلنا: ليس يجب ما ظننته، وكيف يجعل الوكزة مقصودة، وقد بينا الكلام علي أن القصد كان إلى التخليص والمدافعة، ومن كان إنما يريد المدافعة لا يجوز أن يقصد إلى شئ من الضرر، وإنما وقعت الوكزة وهو لا يريدها، إنما أراد التخليص، فأدى ذلك إلى الوكزة والقتل.
ووجه آخر: وهو أن الله تعالى كان عرف موسى عليه السلام استحقاق القبطي للقتل بكفره، وندبه إلى تأخير قتله إلى حال التمكن، فلما رأى موسى (ع) منه الإقدام على رجل من شيعته تعمد قتله تاركا لما ندب إليه من تأخير قتله.
فأما قوله: (هذا من عمل الشيطان) ففيه وجهان:
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست