تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٩٥
في الحكم الذي ذكرناه من التخيير في الاستصلاح ما ليس بلذة، وبينا أن العوض قد أخرج الألم من كونه ضررا، وجعله بمنزلة ما ليس بألم، فقد بان صحة ما ذكرناه لأن التخيير بين اللذة وما ليس بلذة ولا ألم، إذا حسن متى اجتمعا في المصلحة. فكذلك يحسن التخيير بين اللذة وما جرى مجرى ما ليس بألم ولا ضرر من الألم الذي يقابله المنافع، وليس بعد هذا إلا قول من يوجب فعل اللذة لكونها نفعا، وهذا مذهب ظاهر البطلان لا حاجة بنا إلى الكلام عليه من هذا الموضوع:
فإن قيل: ما أنكرتم ما يكون الاستصلاح بالألم إذا كان هناك ما يستصلح به، وليس بألم يجري في القبيح والعبث مجرى من بذل المال لمن يحتمل عنه ضرب المقارع، ولا غرض له إلا إيصال المال في أن ذلك عبث قبيح؟.
قلنا: أما قبح ما ذكرته فالوجه فيه غير ما ظننته من أن هناك ما يقوم مقامه في الغرض، لأنا قد بينا أن ذلك لو كان هو وجه القبح لكان كل فعل فيه غرض يقوم غيره فيه مقامه عبثا وقبيحا، وقد علمنا خلاف ذلك. وإنما قبح بذل المال لمن يحتمل الضرب، والغرض إيصال المال إليه من حيث حسن أن يبتدئ بدفع المال الذي هو الغرض من غير تكلف الضرب، فصار عبثا وقبيحا من هذا الوجه وليس يمكن مثل ذلك في الألم إذا قابله ما ليس بألم لأن ما فيه من العوض لا يمكن الابتداء به.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست