تنزيه محمد (ع) عن الشرك:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى قوله تعالى مخاطبا لنبيه: ﴿لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين﴾ (1) وكيف يوجه هذا الخطاب إلى من لا يجوز عليه الشرك ولا شي ء من المعاصي.
(الجواب): قد قيل في هذه الآية ان الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به أمته، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة. ومثل ذلك قوله تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة) (2) فدل قوله تعالى فطلقوهن على أن الخطاب توجه إلى غيره. وجواب آخر: ان هذا خبر يتضمن الوعيد، وليس يمتنع ان يتوعد الله تعالى على العموم. وعلى سبيل الخصوص من يعلم أنه لا يقع منه ما تناوله الوعيد، لكنه لابد من أن يكون مقدورا له وجائزا بمعنى الصحة لا بمعنى الشك، ولهذا يجعل جميع وعيد القرآن عاما لمن يقع منه ما تناوله الوعيد، ولمن علم الله تعالى أنه لا يقع منه. وليس قوله تعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك) على سبيل التقدير والشرط بأكثر من قوله تعالى:
(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) لان استحالة وجود ثان معه تعالى: إذا لم يمنع من تقدير ذلك، وبيان حكمه كأولى ان يسوغ تقدير وقوع الشرك الذي هو مقدور لكن، وبيان حكمه. والشيعة لها في هذه الآية جواب تنفرد به وهو أن النبي لما نص على أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بالإمامة في ابتداء الامر جاءه قوم من قريش فقالوا له: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان الناس قريبوا عهد بالاسلام لا يرضون أن تكون النبوة فيك والإمامة في ابن عمك علي بن أبي طالب. فلو عدلت به إلى غيره لكان أولى. فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله: ما فعلت ذلك برأيي فأتخير فيه، لكن الله تعالى أمرني به