سيرة ابن إسحاق - محمد بن إسحاق بن يسار - ج ٢ - الصفحة ١٤٧
وتعاهدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها فقال زهير أنا أبدؤكم فأكون أولكم فلما أصبحوا غدوا على أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية في حلة له فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس فقال يا أهل مكة نأكل الطعام ونشرب الشراب ونلبس الثياب وبنو هاشم وبنو المطلب هلكى لا يباعون ولا يباع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة القاطعة فقال أبو جهل كذبت والله وهو في ناحية المسجد لا تشق هذه الصحيفة فقال زمعة بن الأسود بل أنت والله أكذب ما رضينا كتابها حين كتبت فقال أبو البختري صدق زمعة بن الأسود لا نرضى بما كتب فيها ولا نعرفه فقال المطعم بن عدي صدقتما وكذب من قال غير ذلك نبرأ إلى الله عز وجل منها ومما كتب فيها وقال هشام بن عمرو مثل ما قالوا في نقضها وردها فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل تشور فيه يعني بغير هذا المكان وأبو طالب جالس في ناحية المسجد يرى ما يصنع القوم ثم إن المطعم بن عدي قام إلى الصحيفة فشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا باسمك اللهم وكان الذي كتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار فشلت يده فيما يزعمون والله أعلم فلما مزقت وبطل ما فيها قال أبو طالب في ذلك مما كان في أمر أولئك النفر في نقضها يمدحهم (ألا هل أتى الأعداء كافة ربنا * على نأيهم والله بالناس أرود) (فيخبرهم أن الصحيفة مزقت * وأن كل ما لم يرضه الله مفسد) (تراوحها إفك وسحر مجمع * ولم يلف سحرا آخر الدهر يصعد) (تداعى لها من ليس فيها بقربة * فطائرها في وسطها يتردد) (ألم تك حقا وقعة صيلمية * ليقطع فيها ساعد ومقلد) (ويظعن أهل ماكثون فيهربوا * فرائصهم من خشية الموت ترعد)
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»