كره عامة قريش ما أصاب بني هاشم وأظهروا لكراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالمة الذي تعاهدوا فيها على محمد صلى الله عليه وسلم ورهطه وحتى أراد رجال منهم أن يبرؤوا منها وكان أبو طالب يخاف أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا أو سرا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه أو رقد بعثه أبو طالب من فراشه وجعله بينه وبين بنيه خشية أن يقتلوه ويصبح قريش فيسمعوا من الليل أصوات صبيان بني هاشم الذين في الشعب يتضاغون من الجوع فإذا أصبحوا جلسوا عند الكعبة فيسئل بعضهم بعضا فيقول الرجل لصاحبه كيف بات أهلك البارحة فيقول بخير فيقول لكن اخوانكم هاؤلاء الذين في الشعب بات صبيانهم يتضاغون من الجوع حتى أصبحوا فمنهم من يعجبه ما يلقى محمد صلى الله عليه وسلم ورهطه ومنهم من يكره ذلك فقال أبو طالب وهو يذكر ما طلبوا من محمد صلى الله عليه وسلم وما حشدوهم في كل موسم يمنعونهم أن يبتاعوا بعض ما يصلحهم وذكر في الشعر (ألا من لهم آخر الليل معنم * طواني وأخرى النجم لم يتقحم) (طواني وقد نامت عيون كثيرة * وسائر أخرى ساهر لم ينوم) (لأحلام أقوام أرادوا محمدا * بسوء ومن لا يتقي الظلم يظلم) (سعوا سفها واقتادهم سورايهم * على قليل من رأيهم غير محكم) (رجاء أمور لم يسألوا نظامها * وان حشدوا في كل نفر وموسم) (يرجون أن نسخى بقتل محمد * ولم تختضب سمر العوالي من الدم) (يرجون منا خطة دون نيلها * أضراب وطعن بالوشيح المقوم) (كذبتم وبيت الله لا تقتلونه * جماجم تلقى بالحطيم وزمزم) (وتقطع أرحام وتنسى حليلة * خليلا وتغشى محرما بعد محرم) (وينهض قوم في الدروع إليكم * يذبون عن أحسابهم كل مجرم) 208 نا أحمد نا يونس عن ابن إسحاق فأقامت قريش على ذلك من أمرهم في بني هاشم وبني المطلب سنتين أو ثلاثا حتى
(١٤١)