الغوغاء أبا موسى الأشعري لتمثيل معسكر الإمام (ع)، بينما اختار معاوية ابن العاص، على أن الإمام (ع) قد رفض فكرة تمثيل الأشعري لمعسكره: باعتبار أن الأشعري كان معتزلا للإمام، ولم يكن يرى في الإمام (ع) أهلا لتولي الخلافة بعد عثمان (1)، هو وآخرون ممن اعتزلوا الإمام (ع)، وكان يخذل الناس عن نصرة الإمام: مما حمل الإمام على عزله من ولاية الكوفة (2).
وتشير بعض الروايات إلى أن التمزق في جيش الإمام (ع) بلغ ذروته، حتى هدده بعض المتنفذين من جنده أن يفعلوا به ما فعلوا بعثمان، أو يدفعوه إلى معاوية؟ (3).
شئ من معركة النهروان.
وهكذا ثم نرى كيف غدر عمرو بن العاص بالأشعري بعد أن استغفله وخلع أمير المؤمنين (ع) ، إلا أن الإمام (ع) ورغم اصراره على الحرب: فقد رأى من الضروري أن يطوق الفتنة التي أحدثها الخوارج أولا.
بعد واقعة التحكيم عاد الإمام (ع) بجيشه إلى الكوفة، ففوجئ بخروج طائفة من جيشه يبلغ تعدادها أربعة آلاف معلنة تمردها على الإمام (ع) فلم تدخل معه الكوفة، وإنما سلكت سبيلها إلى حروراء،] و [كان قوامها من الفئات التي أرغمته على التحكيم في حرب صفين (4).
وقد كان الإمام (ع) عازما على عدم التعرض لهم ابتداء: ليمنحهم فرصة التفكير جديا بما أقدموا عليه، غير أنهم بدأوا يشكلون خطرا حقيقيا على دولة الإمام (ع) من الداخل وبدأ خطرهم يتعاظم، فقتلوا بعض الأبرياء والآمنين: سيما الصحابي الجليل عبد الله بن خباب، وبقروا بطن زوجته وهي حامل، وقتلوا نسوة من طئ، فلما بلغ أمرهم أمير المؤمنين (ع)، أرسل إليهم الحارث بن مرة العبدي، ليتعرف على حقيقة الموقف، غير أنهم قتلوه كذلك (5)، وبعث الإمام (ع) إليهم الصحابي الجليل قيس بن سعد فوعظهم وحذرهم مغبة موقفهم الأحمق، وأهاب بهم للرجوع عما يرون من جواز سفك دماء المسلمين، وتكفيرهم دون وجه حق (6)، وقد نجحت المحاولات المستمرة للإمام (ع) في رأب الصدع وتفادي إراقة الدماء، بعد أن تفرق قسم كبير من جيش الخوارج، حتى انخفض عددهم إلى أربعة آلاف، بعد أن بلغ عددهم اثني عشر ألفا.