الذي يدفن فيه، قال لطلحة: يدفن بدير سلع - يعني مقابر اليهود (1)، وقال ابن أبي الحديد: كان طلحة أشد الناس تحريضا على عثمان، وكان الزبير دونه في ذلك.
وأما عائشة بنت أبي بكر، فقد كانت أشد القوم في حربها لعثمان، ونظرا لمكانتها في النفوس فقد كان الرواة والركبان يتناقلون فورا ما كانت تتفوه به ضده، حتى قالت لمروان: يا مروان وددت والله أنه - أي عثمان - في غرارة من غرائري هذه، وإني طوقت حمله حتى ألقيه في البحر (2)، كما التقت وهي في طريقها إلى الحج بالصحابي الجليل عبد الله بن عباس فنهته عن نصرة عثمان قائلة: يا بن عباس، إنا لله قد آتاك عقلا وفهما وبيانا، فإياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية (3)، وكانت تطلق شعارا ضد عثمان : أقتلوا نعثلا فقد كفر (4)، وتعني بنعثل الخليفة عثمان، وهي كلمة تعني الذكر من الضباع: والشيخ الأحمق، ويهوديا كان بالمدينة (5).
أما عمرو بن العاص، فبعد أن عزله عثمان عن ولاية مصر (6): تحصب عليه وخرج يحرض الناس ضد عثمان، وكان من أشد الناس طعنا على عثمان، وقال: أبغض عثمان وحرضت عليه حتى الراعي في غنمه (7).
وأما معاوية، فقد أرسل مجموعة من الجند لنصرة عثمان، إلا أنه أمر قائدهم بالتوقف خارج المدينة، وكان الهدف من ذلك، أنه ينتظر عقبى الصراع (8).
إلا أن مقتل عثمان ومبايعة المسلمين للإمام علي (ع) جعل الأمور تتخذ مجرى آخر، كما أسلفنا: حيث أن عدالة علي وتمسكه بالإسلام لا تروق لأولئك الذين اكتنزوا الكنوز وامتلكوا الضياع، وبنوا القصور من أموال المسلمين، فقاموا متحدين تدفعهم أحقادهم الدفينة وعقيدتهم المهلهلة لمقاومة رمز العدالة أمير المؤمنين (ع)، وقد بذل الإمام جهدا كبيرا