رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٣٦
وكانت شهادته (ع) في اليوم الأخير من شهر صفر سنة 203 ه‍ بمدينة طوس التي دفن فيها، في دار حميد بن قحطبة. فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
الإمام محمد بن علي الجواد (ع).
مولده ونشأته.
ولد الإمام الجواد (ع) في شهر رمضان المبارك من سنة خمس وتسعين ومئة للهجرة وتوفى سنة عشرين ومئتين، في آخر ذي العقدة، وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما، ودفن ببغداد في مقابر قريش، عند قبر جده موسى بن جعفر (ع). فأبوه الامام الثامن على بن موسى الرضا (ع)، وأمه نوبية من بلاد النوبة، من توابع السودان في أفريقيا، اسمها سبيكة، وقد ولد هذا الوليد الامام المبارك في مدينة جدة رسول الله (ص)، وهناك رواية تقول: انه (ع) ولد في شهر رمضان المبارك، وقيل أن ولادته (ع) في شهر رجب المرجب.
كانت ولادته (ع) في فترة تزخر بالأحداث والظروف السياسية المتقلبة، والصراع على أشده على الخلافة العباسية بين الأمين والمأمون ابني هارون الرشيد، فكانت ولادته المباركة سنة خمس وتسعين ومئة للهجرة، في السنة التي بويع فيها المأمون الذي خلع أخاه الأمين، ولم تكن تلك الأحداث السياسية والصراع بين الأخوين لينتهى دون أن تنعكس آثاره على حياة الإمام الرضا (ع) والد الإمام الجواد (ع) كما أسلفنا.
كان الإمام الرضا (ع) وبعد أن شاءت الظروف السياسية أن يرحل إلى مرو عاصمة الدولة العباسية أنذاك ويترك ولده الإمام الجواد (ع) في مدينة جده، يركز على بناء شخصيته و تعظيم مقامه، وكان يخاطبه بالإجلال والتعظيم، ويكنيه بأبي جعفر، وهو صبي لم يبلغ الحلم.
جاء في نص وثيقة البيعة التي كتبها المأمون إلى الامام على بن موسى الرضا (ع)، إمام المسلمين وعميد أهل البيت (ع) في عصر المأمون، مما يكشف عن طبيعة فهم الأمة الاسلامية بمختلف مواقعها السياسية والاجتماعية لمقام أهل البيت (ع)، وأحقيتهم في الموقع الأول للقيادة وولاية الامر. فقد صرح المأمون بأحقية أهل البيت (ع) بالخلافة والإمامة، عند ما أقدم على تزويج الإمام محمد الجواد ابن الإمام الرضا (ع)، محاولا التقرب من الامام. وهذه نص كلمة الوثيقة التي سجلها المأمون العباس وهو يحاور و جوه بنى العباس في مقام أهل البيت (ع).
عن الريان بن شبيب قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي (ع) بلغ ذلك العباسيين، فغلظ عليهم واستنكروه، وخافوا أن ينتهي الامر معه إلى ما انتهى مع الإمام الرضا (ع) فخاضوا في ذلك، واجتمع معهم أهل بيته الأدنون إليه فقالوا: ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم على هذا الامر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا، فإنا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكناه الله عز وجل، وينزع منا
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»