رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٢٥
أن يقتل محمد بن جعفر إن ظفر به.
نفذ الجلودي أمر الرشيد وآغاز على بيوت الطالبيين والأسر العلوية الكريمة، وكان في طليعة من أصابته المحنة والأذى هو الامام على بن موسى الرضا (ع)، فقد ذكر الشيخ الصدوق هذه الحوادث المؤلمة ونقلها بقوله.
وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج (1) محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة بعثه الرشيد، وأمره - إن ظفر به - أن يضرب عنقه، وأن يغير على دور آل أبي طالب، وأن يسلب نساءهم ولا يدع على واحدة منهن ثوبا واحدا، ففعل الجلودي ذلك، وقد كان مضى أبو الحسن موسى بن جعفر فصار الجلودي إلى باب دار أبى الحسن الرضا، فهجم على داره مع خيله، فلما نظر إليه الرضا (ع) جعل النساء كلهن في بيت ووقف على باب البيت، فقال الجلودي لأبي الحسن: لابد من أن أدخل البيت فأسلبهن كما أمر أمير المؤمنين، فقال الرضا (ع).
أنا أسلبهن لك وأحلف أنى لا أدع عليهن شيئا الا أخذته، فلم يزل يطلب إليه ويحلف له حتى سكن، فدخل أبو الحسن الرضا (ع) فلم يدع عليهن شيئا حتى أقراطهن وخلاخيلهن و أزرارهن، الا أخذه منهن وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير (2).
أئمة المذاهب وموقفهم من حكام الجور.
وقد زادت المظالم وأساليب القسوة والجور التي عاناها أبناء علي (ع) من الحكم الأموي والعباسي التفاف الناس وزيادة عطفهم وميلهم إلى العلويين وثوراتهم.
وقد تحددت تلك المواقف واضحة جلية لدى أئمة المذاهب ووجوه المجتمع ورجال السياسة، نذكر من ذلك موقف الإمام أبي حنيفة، والامام مالك، وتعرضهما للأذى والاضطهاد بسبب تأييدهما للثوار العلويين، وافتائهما سرا تارة وعلنا أخرى بأحقية أهل البيت (ع) وضرورة تأييدهم، ورفضهم للحكم الأموي والعباسي.
1 - فقد أفتى أبو حنيفة بتأييد ثورة زيد بن علي بن الحسين سنة 121 ه‍ ضد الحكم الأموي، وبصرف الزكاة لتأييد هذه الثورة، كما رفض أن يتولى قضاء الكوفة للأمويين، حينما عرضه عليه يزيد بن عمر بن هبيرة والى العراق، في عهد مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، فضربه يزيد مئة وعشرة سياط (3).
وحين زالت الدولة الأموية واستولى العباسيون على السلطة، أعلن تأييده بصراحة

1 - يبدو أن الذي خرج أيام الرشيد هو محمد بن جعفر بن يحيى بن عبيد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)، فقد ذكر المسعودي أنه خرج أيام الرشيد ثم هرب إلى المغرب.
المسعودي مروج الذهب / ج 3 / ج 3 / ص 343.
2 - الصدوق / عيون أخبار الرضا / ج 2 / ص 161.
3 - الدكتورة سميرة مختار الليثي / جهاد الشيعة / ص 218، نقلا عن الكامل في التاريخ.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»