بالسياط، ومد لذلك حتى انخلعت كتفاه (1).
وكان الامام مالك يعرف قدر العلويين ومكانتهم، فقد جاءه محمد بن جعفر العلوي يشكو المحنة والاضطهاد، فقال له مالك: إصبر حتى يجئ تأويل تفسير هذه الآية: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) وقد اضطهد المنصور مالك وضربه والى المدينة سبعين سوطا (2).
ثانيا - المرحلة الثانية:
وهي مرحلة حكم الأمين والمأمون، وقد اشتد الميل لأهل البيت (ع) والتعاطف معهم، وبلغ شأوه أيام الامام على ابن موسى الرضا (ع)، فكانت الثورات العلوية تتفجر، وجماهير الأمة، وبعض الوزراء والقادة يميلون لآل البيت (ع)، والدولة العباسية تمر بمرحلة صراع داخلي حاد بين الأمين والمأمون انتهت بانتصار المأمون وقتل الأمين، وشخصية الإمام الرضا (ع) تقوى وتتركز باعتباره الامام من أهل البيت (ع). فكانت الأنظار تتجه نحوه، والقلوب تهفو إليه، واضطرب الموقف على الخليفة العباسي (المأمون) وخشي من قوة التيار الموالى للعلويين، فقرر أن يتعامل مع الرأي العام بدبلوماسية وحنكة، بعد أن رأى فشل السيف والسجون والدماء في مكافحة الانتفاضات وثورات آل علي (ع)، و أن يعقد ولاية العهد للإمام الرضا (ع) ويجعله أحد أركان السلطة لتهدئة الخواطر، وامتصاص روح النقمة والثورة، وقد أدرك الإمام الرضا (ع) ذلك ورفض ولاية العهد الا أنه قبلها مضطرا.
الثورات العلوية ضد الحكم العباسي البغيض.
وكان طبيعيا أن يستثمر الثوار العلويون فرصة ارتباك السلطة واضطراب الأوضاع، لذا فقد حدثت ثورات أيام المأمون وانتفاضات قام بها العلويون ضد الحكم العباسي، مستغلين الأوضاع والظروف السياسية المتردية، فكان من أبرز هذه الثورات في عهد الإمام الرضا (ع) هي ثورة (ابن طباطبا) عام 199 ه، وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب، وابتدأ ثورته في العاشر من جمادى الآخرة من هذه السنة، وقد فجر ثورته في العراق في مدينة الكوفة، حيث أنصاره و أتباعه، وكان قائده الذي تولى شؤون الجيش وإدارة المعركة، هو (أبو السرايا) السري بن منصور، وكان يذكر أنه من ولد هانئ بن مسعود الشيباني (3).
وما أن أعلنت الثورة في الكوفة حتى انضم إليها] أهاليها [ومن حولها من أعراب وقرى، فأصبحت الكوفة بيد ابن طباطبا ومنطلق ثورته، فوجه العباسيون إليه جيشا كبيرا قوامه عشرة آلاف مقاتل، فاشتبك في معركة ضارية هو وصاحبه أبو السرايا مع