رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٣٠
ولم يتحرك الإمام الرضا (ع) ولم يشارك بواحدة منها، مع ماله من مقام سياسي، و مكانة اجتماعية مرموقة، ورغم أنه سيد أهل البيت (ع) وعالمهم وعميدهم، فقد كان يعلم ما ستنتهي إليه هذه الحركات، كما كان موقف أبيه الصادق الكاظم وجده عليهما السلام فقد كانوا على يقين من فشل الثورات العلوية، وما من ثورة الا وقد نبه الأئمة (ع) أصحابها وقادتها، وأوضحوا لهم الفضل، وهذا لا يعنى أن الأئمة (ع) ما كانوا يعملون باتجاه المقاومة، والوقوف بوجه الحكومات العباسية المتتالية بل ما كانت الأجواء الاجتماعية والسياسية تتهيأ وتنضج الا بقيادتهم وتوجيههم الفكري والسياسي.
فاخترع المأمون مشروعا سياسيا لتطويق الامام على بن موسى (ع)، وهو المبايعة للامام بالخلافة وولاية العهد من بعد المأمون، باعتباره الامام من أهل بيت النبوة (ع)، والقائد البارز والسيد العلم في عصره.
موكب الإمام الرضا (ع) إلى خراسان.
وجه المأمون دعوته إلى الإمام الرضا (ع) وطلب منه الحضور إلى خراسان، للتشاور معه في نقل ولاية العهد والخلافة إليه، فاستجاب الإمام (ع) مكرها بعد إلحاح وتهديد، فقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني: إن المأمون وجه إلى جماعة من آل أبي طالب فحملهم إليه من المدينة، وفيهم على بن موسى الرضا، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاؤوه بهم (1).
بدأت القافلة في المسير من المدينة المنورة وراحت تغذ السير متجهة نحو العراق على طريق البصرة فالأهواز، ثم شيراز، فمدينة مرو.
سار وقلوب الناس تشيعه وتسير معه وتتعلق به أينما حل، وحيثما ارتحل، وكان يحتفى به ويستقبل في الأهواز وفي نيشابور. وبعد التوقف في نيسابور، تابع الامام رحلته وواصل سيره، مارا بسرخس حتى مرو عاصمة الخلافة العباسية في حينه، التي كانت تتهيأ لاستقباله (ع)، وكان في طليعة المستقبلين والمحتفين بالامام (ع)، المأمون و حاشيته ورجال دولته.
يقول أبو الفرج الأصفهاني: فأنزلهم] أي المأمون [دارا، وأنزل على بن موسى الرضا دارا، ووجه إلى الفضل بن سهل فأعلمه أنه يريد العقد له، وأمر بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على ذلك، ففعل، واجتمعا بحضرته، فجعل الحسن يعظم ذلك عليه ويعرفه ما في اخراج الامر من أهله إليه.
فقال] المأمون [له: انى عاهدت الله أن أخرجها إلى أفضل ولد أبى طالب ان ظفرت بالمخلوع] أخاه الأمين [، وما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل، فاجتمعا معه على ما أراد فأرسلهما إلى على بن موسى الرضا (2).

١ - مقاتل الطالبيين لأبو الفرج الأصفهاني ص ٥٦٢.
٢ - مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ص 562، الارشاد للمفيد ص 311.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»