رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٢٩
جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر (ع) بالمدينة المنورة، فقد قاد الثورة وبايعه أهل المدينة بإمرة المؤمنين (1).
ويذكر أن سبب ثورة محمد بن جعفر الصادق: كان رجل قد كتب كتابا في أيام أبى السرايا يسب فيه فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) وأهل البيت (ع) وكان محمد بن جعفر معتزلا تلك الأمور لم يدخل في شئ منها، فجاء الطالبيون فقرأوه عليه، فلم يرد عليهم جوابا حتى دخل بيته، فخرج عليهم وقد لبس الدرع وتقلد السيف، ودعا إلى نفسه، وتسمى بالخلافة، وهو يتمثل.
لم أكن من جناتها علم الله * وإني بحرها اليوم صالى (2).
ويذكر أن محمد بن جعفر - كما مر علينا - قال: شكوت إلى مالك بن أنس ما نحن فيه و ما نلقى، فقال: إصبر حتى يجئ تأويل هذه الآية: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (3).
وقد تعاطف العلويون مع محمد بن جعفر وساندوا حركته في مكد، فقد ذكر أبو الفرج: ان جماعة من الطالبيين اجتمعوا مع محمد بن جعفر، فقاتلوا هارون ابن المسيب بمكة قتالا شديدا، وفيهم الحسين بن الحسن الأفطس، ومحمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن، ومحمد بن الحسن المعروف بالسيلق وعلى ابن الحسين بن عيسى بن زيد، وعلي بن الحسين بن زيد، وعلي بن جعفر بن محمد، فقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة، وطعنه خصى كان مع محمد بن جعفر فصرعه.
وكر أصحابه فخلصوه، ثم رجعوا فأقاموا بثبير في جبله مدة، وأرسل هارون الرشيد إلى محمد بن جعفر، وبعث إليه ابن أخيه على بن موسى الرضا فلم يصغ إلى رسالته (4).
واستمر في معركته حتى حوصر ونفد ما كان معه من طعام وماء وتفرق أصحابه وانكسر جيشه.
وقد حمل محمد بن جعفر مع أصحابه إلى المأمون في أيام خلافته، ويذكر أنه توفى في خراسان (5).
وهكذا يحدثنا التأريخ أن العلويين قد ألهبوا أرجاء الدولة العباسية بالثورات والانتفاضات، ورفعوا رايات الجهاد ومعهم الطليعة من العلماء والمحدثين والطلائع السياسية.

١ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص ٥٣٧.
٢ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص ٥٣٨.
٣ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص ٥٣٩.
٤ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص ٥٤٠.
٥ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص 540.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»