أبى البلاد، قال: قال الرضاع (ع): ما فعل الشقي حمزة بن بزيع؟ قلت: هوذا هو قد قدم، فقال: يزعم أن أبى حي، هم اليوم شكاك، ولا يموتون غدا الا على الزندقة، قال صفوان: فقلت فيما بيني وبين نفسي: شكاك قد عرفتهم، فكيف يموتون على الزندقة؟ فما لبثنا الا قليلا حتى بلغنا عن رجل منهم أنه قال عند موته: هو كافر برب أماته، قال صفوان: فقلت هذا تصديق الحديث (1).
وفي إحدى رسائل الامام للبزنطي، يكشف لنا عن واقع دعوة هؤلاء ودوافعها، فقد جاء في الرسالة.
أما ابن السراج، فإنما دعاه إلى مخالفتنا، والخروج من أمرنا أنه عدا على مال عظيم لأبي الحسن - موسى بن جعفر - فاقتطعه في حياة أبي الحسن (ع)، وكابرني عليه، وأبى أن يدفعه، والناس كلهم مسلمون مجتمعون على تسليمهم الأشياء كلها إلى، فلما حدث ما حدث من هلاك أبي الحسن (ع)، إغتنم فراق علي بن أبي حمزة وأصحابه إياي، وتعلل، و لعمري ما به من علة الا اقتطاعه المال، وذهابه به.
واما ابن أبي حمزة فإنه رجل تأول تأويلا لم يحسنه، ولم يؤت علمه، فألقاه إلى الناس فلج فيه، وكره إكذاب نفسه في إبطال قوله، بأحاديث تأولها ولم يحسن تأويلها، ولم يؤت علمها، ورأى أنه إذا لم يصدق آبائي بذلك لم يدر لعل ما خبر عنه مثل السفياني وغيره أنه كان، لا يكون منه شئ، وقال لهم: ليس يسقط قول آبائي شئ، و لكنه قصر علمه عن غايات ذلك وحقائقه، فصار فتنة أو شبهة عليه، وفر من أمر فوقع فيه (2).
وهكذا يتضح أن الطمع بالمال، وخبث السريرة الذي انطوت عليه هذه النفوس، وضعف العقيدة، واضطراب الأفكار، وتزلزل الإيمان في نفوسهم، وهو السبب الأعمق، خلف هذه الدعاوي والآراء.
مقام الامام على بن موسى الرضا (ع) لدى الناس.
وأشار الإمام موسى بن جعفر (ع) إلى مقام ولده الرضا وتفوق علمه واستحقاقه الإمامة، بقوله لاحد أصحابه وهو على بن يقطين، فقد قال - على بن يقطين -: قال لي موسى بن جعفر (ع) ابتداء منه: هذا أفقه ولدى، وأشار بيده إلى الرضا (ع)، قد نحلته كنيتي (3).
ونقل ابن الصباغ المالكي، قال إبراهيم بن العباس: سمعت العباس يقول: ما سئل الرضا (ع) عن شئ الا علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره، و كان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شئ فيجيبه الجواب الشافي (4).