فقال له جعفر: هذا أول ما تعرف به كذب من سعى بي إليك قال: صدقت يا جعفر، انصرف آمنا فإني لا أقبل فيك قول أحد. قال: وجعل يحيى يحتال في اسقاط جعفر.
فقال النوفلي: فحدثني على بن الحسن بن علي بن عمر بن علي عن بعض مشايخه وذلك في حجة الرشيد قبل هذه الحجة، قال: لقيني (1) على بن إسماعيل ابن جعفر بن محمد فقال لي:
مالك قد أخملت نفسك؟ مالك لا تدبر أمور الوزير؟ فقد أرسل إلى فعادلته و طلبت الحوائج إليه.
وكان سبب ذلك أن يحيى بن خالد، قال ليحيى بن أبي مريم: ألا تدلني على رجل من آل أبي طالب له رغبة في الدنيا فأوسع له منها؟ قال: بلى، أدلك على رجل بهذه الصفة، و هو على بن إسماعيل بن جعفر بن محمد فأرسل إليه يحيى فقال: أخبرني عن عمك وعن شيعته، والمال الذي يحمل إليه، فقال له: عندي الخبر، فسعى بعمه (موسى بن جعفر)، فكان في سعايته أن قال له: ان من كثرة المال عنده أنه اشترى ضيعة تسمى البشرية بثلاثين ألف دينار، فلما أحضر المال قال البائع: لا أريد هذا النقد، أريد نقد كذا و كذا، فأمر بها فصبت في بيت ماله، وأخرج منه ثلاثين ألف دينار من ذلك النقد ووزنه في ثمن الضيعة.
قال النوفلي: قال أبى: وكان موسى بن جعفر عليه السلام يأمر لعلي بن إسماعيل بالمال ويثق به، حتى ربما خرج الكتاب منه إلى بعض شيعته بخط على ابن إسماعيل ثم استوحش منه، فلما أراد الرشيد الرحلة إلى العراق بلغ موسى ابن جعفر عليه السلام أن عليا ابن أخيه يريد الخروج مع السلطان إلى العراق، فأرسل إليه وسأله: مالك والخروج مع السلطان؟ قال: لان على دينا. قال: دينك على. قال: وتدبير عيالي، قال: أنا أكفيهم، فأبى الا الخروج، فأرسل إليه مع أخيه محمد بن جعفر بثلاثمئة دينار، وأربعة آلاف درهم. فقال: اجعل هذا في جهازك ولا تؤتم ولدي (2).
ونقل المؤرخون روايات أخرى.
ان محمد بن إسماعيل بن الصادق عمه موسى الكاظم يكتب له الكتب إلى شيعته في الآفاق، فلما ورد الرشيد إلى الحجاز سعى بعمه إلى الرشيد، فقال: أما علمت في الأرض خليفتين يجبى الهيما الخراج؟ فقال الرشيد: ويلك أنا ومن؟ قال: موسى بن جعفر وأظهر أسراره، فقبض عليه، وحظي محمد عند الرشيد، ودعا عليه موسى بن جعفر الكاظم بدعاء استجابه الله فيه وفي أولاده (3).
وقد روى أنه (حج الرشيد في تلك السنة (179 ه) فبدأ بقبر النبي (ص) فقال: يا رسول الله، انى أعتذر إليك من شئ أريد أن أفعله، أريد أن أحبس موسى بن جعفر، فإنه يريد التشتت بين أمتك وسفك دمائها.