رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٩٦
بالرقابة والمتابعة، ثم يقتنع أبو جعفر بعد أن يستمع إلى ردود الإمام الصادق (ع) بعدم صدق التقارير والوشايات الواردة فيخلى عنه. كما استدعاه مرة أخرى من المدينة إلى العراق بعد مقتل محمد ذي النفس الزكية واتهمه بجمع الأموال والسلاح من أتباعه و أنصاره والإعداد للثورة، ثم يحضر الجواسيس الذين نقلوا التقارير والمعلومات الكاذبة لمقابلة الامام ومواجهته بما نسبوه إليه، فيحضر الرجل ويطلب الإمام الصادق منه أن يقسم بأن ما نقله ونسبه إلى الإمام الصادق هو صحيح فأقسم بقوله.
والله الذي لا اله الا هو الغالب الحي القيوم، فيرد عليه الإمام الصادق (ع): لا تعجل في يمينك فانى أستحلفك.
فيسأل المنصور الإمام الصادق (ع): ما أنكرت من هذه اليمين؟ فيرد الصادق بمعرفة العالم بالتوحيد والربوبية:.
ان الله حي كريم، إذا أثنى عليه عبده لا يعاجله بالعقوبة، ولكن قل أيها الرجل:
أبرأ إلى الله من حوله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي انى لصادق فيما أقول).
فقال المنصور: احلف بما استحلفك أبو عبد الله به.
فحلف الرجل بهذه اليمين، فلم يستتم الكلام حتى خر ميتا، فاضطرب المنصور وارتعدت فرائصه، وقال للصادق (ع).
يا أبا عبد الله سر من عندي إلى حرم جدك، ان اخترت ذلك، وان اخترت المقام عندنا لم نأل في اكرامك وبرك، فوالله لا قبلت قول أحد بعدها أبدا (1).
المقام العلمي للإمام الصادق (ع) بشهادة العلماء:.
قال الشيخ المفيد رحمه الله:... كان الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (ع) من بين أخوته خليفة أبيه محمد بن علي (ع)، ووصيه القائم بالإمامة من بعده، وبرز على جماعتهم بالفضل، وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا، وأجلهم في العامة والخاصة، و نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه، ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد الله (ع)، فان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل (2).
ونقل المحقق العلامة السيد محسن الأمين: ان الحافظ ابن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أربعة آلاف رجل من الثقات الذين، رووا عن جعفر بن محمد فضلا عن غيرهم، وذكر مصنفاتهم (3).

1 - يراجع الإمام الصادق لمحمد أبو زهرة / ص 46.
2 - الشيخ المفيد / الارشاد / ص 270.
3 - السيد محسن الأمين / أعيان الشيعة / ج 1 / ص 661.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»