وعن ابن إسحاق: أنه أسلم بعد خمسة وعشرين رجلا، وقيل: بعد واحد وثلاثين.
والذي يدل على صحة ما اخترناه: ما نقله عامة أهل السير، ورواه الرواة باسنادهم عن عمران بن حصين: أن أبا طالب قال لابنه جعفر: - حين رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وخلفه علي عليه السلام - صل جناح ابن عمك.
وفي الأمالي للصدوق باسناده عن محمد بن عمر الجرجاني قال: قال الصادق عليه السلام:
أول جماعة كانت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلى وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام معه، إذ مر أبو طالب ومعه ولده جعفر، فقال: يا بني صل جناح ابن عمك، فلما أحسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقدمهما وانصرف أبوه مسرورا، وهو يقول:.
ان عليا وجعفرا ثقتي - عند ملم الزمان والنوب.
والله لا أخذل النبي ولا - يخذله من بني ذو حسب.
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما - أخي لأمي من بينهم وأبى.
قال: فكانت أول جماعة جمعت ذلك اليوم.
وقد جاءت في جعفر عليه السلام أخبار كثيرة تدل على سمو قدره وعظم شأنه. قال ابن حجر: كان أبو هريرة يقول: انه أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: وفي البخاري عنه: كان جعفر خير الناس للمساكين.
وقال خالد الحذاء عن عكرمة: سمعت أبا هريرة يقول: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا وطأ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل من جعفر ابن أبي طالب.
وعنه: كان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويخدمهم ويخدمونه ويحدثهم ويحدثونه، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكنيه أبا المساكين.
قال: وقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أشبهت خلقي وخلقي، رواه البخاري.
وفي التذكرة لسبط بن الجوزي: استشهد جعفر بمؤتة في أرض البلقاء إلى الحجاز، وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة.
قال ابن إسحاق: وسبب هذه الغزاة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث الحرث بن عمير الأزدي إلى ملك بصرى بكتاب، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيره، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فندب الناس وعسكر بالحرب، وهم ثلاثة آلاف، و شيعهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ثنية الوداع، فساروا حتى نزلوا مؤتة، فالتقاهم هرقل في أربعمئة الف، منهم أربعون ألفا مقرنين، فالتقوا فثبت المسلمون، ثم قتل زيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة، وكانوا امراء الجيش.
قال ابن سعد في الطبقات: قال ابن عمر: وجد فيما أقبل من بدن جعفر ما بين منكبيه تسعون ضربة، بين طعنة رمح وضربة سيف.
وقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نعى جعفرا وزيدا وابن رواحة قبل أن يجئ خبرهم، نعاهم وعيناه تذرفان.