بناتنا لبنينا، وبنونا لبناتنا، ولذلك دعا بابن أخيه عبد الله بن جعفر، وشرفه بتزويج تلك الحوراء الإنسية إياه على صداق أمها فاطمة عليها السلام (أربعمئة و ثمانين درهما)، ووهبها إياه من خالص ماله عليه السلام.
ويجدر بنا هاهنا أن نذكر شيئا من حياة عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، فنقول:
هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن هاشم بن عبد مناف، يلقب بالجواد، ويكنى بأبي محمد، وأشهر كناه أبو جعفر.
أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، أخت ميمونة بنت الحرث - أم المؤمنين - لأمها، وهي أم ولد جعفر بن أبي طالب جميعا، ولما قتل عنها جعفر تزوجها أبو بكر، فولدت له محمدا، ولما توفي عنها تزوجها أمير المؤمنين عليه السلام، فولدت له يحيى بن علي، توفي في حياة أبيه عليه السلام، هذا قول أبي الفرج الأصبهاني في المقاتل، وقيل: ولدت له يحيى ومحمدا الأصغر.
وفي مناقب ابن شهرآشوب: محمد الأصغر، كان يكنى أبا بكر، قتل يوم الطف، وقيل:
كانت أمه أم ولد، وقيل: إنه مات في حياة أبيه أيضا، وأبو بكر المقتول يوم الطف من ليلى بنت مسعود النهشلية، وهو الصحيح.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: ذكر ابن الكلبي: إن عون بن علي، أمه أسماء بنت عميس، ولم يقل ذلك غيره (1).
وهاجرت أسماء مع زوجها جعفر إلى الحبشة، فولدت له أولاده هناك.
وكانت أسماء من القانتات العابدات، روت الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن علي والزهراء عليهما السلام، وروى عنها كثيرون، منهم: ابنها عبد الله ابن جعفر، وحفيدها القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو جد إمامنا الصادق عليه السلام لأمه، وروى عنها عبد الله بن عباس رضي الله عنه، و هو ابن أختها لبابة بنت الحارث.
قيل: وكان عمر يسألها عن تفسير المنام، و نقل عنها أشياء من ذلك ومن غيره.
وفي الإصابة: ويقال إنها لما بلغها قتل ولدها محمد بمصر قامت إلى مسجد بيتها، و كظمت غيظها حتى شخب ثدياها دما.
وكان جعفر بن أبي طالب من المقربين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هاجر إلى الحبشة بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه.
قال الشعبي: وقدم المدينة عند فتح خيبر، فالتزمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجعل يقبل بين عينيه ويقول: ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحا: بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر؟.
وكان اسلام جعفر بأمر أبيه أبى طالب في السنة التي بعث فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وكان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام وخديجة عليها السلام والناس عاكفون على الأصنام.