رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٥٢
ابن الزبير (1)، سوف ننقلها فيما يلي من أبحاث.
ولكي نحدد موقف الإمام السجاد (ع) من هذه الحركة، لابد أن نحلل شخصية ابن الزبير، و اتجاهه السياسي والفكري بشكل مختصر، ثم نحاول معرفة موقف الإمام السجاد (ع) منه.
شخصية عبد الله بن الزبير.
حين نستقرئ نشاط عبد الله بن الزبير السياسي نجده دائما ضد خط أهل البيت (ع)، حيث اتخذ ابن الزبير موقفا عدائيا ضد الإمام علي بن أبي طالب (ع) وضد الحسنين (ع)، و لعب دورا بارزا في حرب الجمل رغم أن أباه ترك المعركة، بعد أن اكتشف خطا موقفه من الإمام علي (ع)، بل إن عبد الله بن الزبير نجح في جر أبيه إلى صف الناكثين لبيعة الإمام علي (ع)، حتى نسب إلى الإمام علي (ع) قوله بحق عبد الله بن الزبير:
كنا نحسب الزبير معنا أهل البيت، حتى نشأ ابنه عبد الله فصرفه عنا.
ولا نعلم بالدقة سبب كراهية ابن الزبير لأهل البيت، ولعل منشأه نزاع نسائي بين فاطمة الزهراء (ع) وبين عائشة وأسماء بنت أبي بكر.
وكان ابن الزبير لا يخفي كراهية لأهل البيت، فقد قال ذات مرة لعبد الله بن العباس:.
إني لا أكتم بغضكم أهل البيت منذ أربعين سنة (2).
وقد ذكر مساور بن السائب: إن ابن الزبير خطب أربعين يوما (والظاهر أربعين جمعة) لا يصلي على النبي (ص) وقال: لا يمنعني أن أصلي عليه إلا أن تشمخ رجال بآنافها (3).
والذي يبدو أن شخصية عبد الله بن الزبير ذات طابع حاد يسعى لتحقيق أهدافه بكل ثمن : فمثلا حين دعا ابن الزبير لأخذ البيعة لنفسه بشكل علني بعد أن كان يدعو لنفسه بالسر جاءه الخوارج. فسر بمقدمهم، ونبأهم أنه على رأيهم وإعطائهم الرضا من غير توقف ولا تفتيش، فقاتلوا معه حتى مات يزيد بن معاوية، وانصرف أهل الشام عن مكة. ثم إن القوم لقي بعضهم بعضا، فقالوا: إن هذا الذي صنعتم أمس بغير رأي ولا صواب من الأمر، تقاتلون مع رجل لا تدرون لعله ليس على رأيكم، إنما كان أمس يقاتلكم هو، و أبوه ينادي يا لثارات عثمان، فأتوه وسلوه عن عثمان، فإن برئ منه كان وليكم، وإن أبى كان عدوكم...، فقال لهم عبد الله بن الزبير: وأنا أشهدكم ومن حضر أني ولي لابن عفان في الدنيا والآخرة، وولي أوليائه، وعدو أعدائه. قالوا: فبرئ الله منك يا عدو الله قال: فبرئ الله منكم يا أعداء الله، وتفرق القوم (4).
وقد أدى هذا المسلك الحاد في شخصية ابن الزبير تجاه الهاشميين، إلى أن يرفض كل من محمد بن الحنفية، وعبد الله بن العباس البيعة له كما تقدم، وخرجا إلى الطائف ابتعادا عنه.
والذي يبدو أن ملامح هذه الشخصية أثرت في بعض المعاصرين له، فقد قال له عمرو بن العاص وهو يصفه:.

1 - الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة ص 203.
2 - تاريخ المسعودي ج 3 ص 80.
3 - تاريخ المسعودي ج 3 ص 79.
4 - الطبري ج 7 ص 55 و 56.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»