بوجوب النص التفصيلي على الإمام اللاحق من قبل نفس الإمام السابق، وحيث أن الإمام الحسين (ع) لم يوص - حسب ظنه - فلم يستحق علي بن الحسين (ع) منصب الإمامة.
إلا أن هذا التسلسل من التفكير رده الإمام السجاد (ع) على عمه محمد بن الحنفية، و أثبت له إمامته بعدة طرق وهي:
1 - إثبات خطأ اعتقاده بأن الإمام الحسين (ع) لم يوص، فهو قد وصاه مرتين، الأولى قبل الذهاب إلى العراق، حيث كان الإمام الحسين (ع) يعلم أنه السفر الأخير، فلزم أن يوصي للإمام السجاد بالإمامة، ولا يقال: فلماذا لم يستحضر محمد بن الحنفية ليخبره بموضوع الإمامة، كما فعل الإمام الحسن (ع)، فإن الجواب هو: إن ذلك يستدعي الكشف عن أشياء غيبية لا ينبغي كشفها لأحد في ذلك الوقت.
والثانية: قبل شهادته (ع) بساعة، كما نص الإمام السجاد (ع) على ذلك.
2 - أبرز الامام دليلا على صحة قوله (ع)، وهو وجود سلاح رسول الله عنده، إذ أن وجود السلاح وبعض الأشياء الأخرى المختصة بالرسول: دليل على أن علي بن الحسين (ع) هو الامام، لأن هذه الأشياء تنتقل من الامام السابق إلى الامام اللاحق مع الوصية بشخصه، وحيث أن محمد بن الحنفية ليس عنده شئ من ذلك: فلا يكون هو الامام.
3 - إن الإمامة إنما هي في عقب الحسين (ع)، حيث دلت النصوص على ذلك، وعلي (ع) هو ابن الحسين، فلا بد أن يكون هو الامام: تطبيقا لتلك النصوص.
4 - المعجزة، وهي الحل النهائي والحاسم، حيث أن جريان المعجزة على يد الامام دليل على أنه هو الامام، وخصوصا في مقام الاحتجاج، وقد اقترح الإمام السجاد (ع) على عمه أن يتحاكما إلى الحجر الأسود ويسألا الله أن ينطق باسم الإمام الشرعي، لهذا ذهبا إلى مكة ليحتكما عند الحجر الأسود.
وهكذا رجع محمد بن الحنفية من مكة وهو مؤمن بإمامة السجاد (ع)، وقد رتب على ذلك الآثار اللازمة على هذا الكشف الإعجازي:.
فقد قال (له) أبو خالد الكابلي: أتخاطب ابن أخيك بمالا يخاطبك بمثله؟ فقال: إنه حاكمني إلى الحجر الأسود، وزعم أنه ينطقه فصرت معه إلى الحجر فسمعت الحجر يقول:
سلم الأمر إلى ابن أخيك، فإنه أحق به منك، فصار أبو خالد إماميا (1).
5 - الوجه الخامس إن محمد بن الحنفية كان عارفا بمقام السجاد (ع)، ولكنه أراد إظهار ذلك الحوار وتحكيم الحجر الأسود أمام الناس، لإثبات الحجة على سائر الناس بشهادة الحجر الأسود على إمامة السجاد (ع)، فإن إثبات الإمامة بالمعجزة مارسه الأئمة (ع) في بعض الظروف، وأمام بعض الأشخاص.
وعلى كل حال فإن هذا الوجه ينفي أن يكون محمد بن الحنفية قد تنكر لإمامة السجاد (ع)، بدعوى أنه لا يمكن أن تخفى عليه إمامة السجاد (ع)، لأنه من أهل البيت العارفين بهذه