في شتى الملامح والعناصر والمنطلقات، فقد تلقيا أرقى ألوان التربية الإسلامية بين أحضان جدهما وأبيهما وأمهما الزهراء (ع).
بدأ دور الإمام الحسن (ع) يتألق في دنيا الإسلام مبكرا، وقبل أن يتلقى عهد الإمامة من أبيه أمير المؤمنين (ع)، فقد برز دوره بجلاء، منذ أن بايعت الجماهير المسلمة الامام عليا (ع) بالخلافة، وقد بلغ ذروته بعد رحيل أمير المؤمنين إلى الملكوت الأعلى، حيث هبت الكوفة إلى المسجد فزعة مذهولة لهول المصاب الأليم، فوقف السبط (ع) بين تلك الكتل البشرية الهائلة، يوجه أول بيان له بعد رحيل القائد العظيم أمير المؤمنين (ع).
لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولم يدركه الآخرون، لقد كان يجاهد مع رسول الله (ص) فيقيه بنفسه، وكان رسول الله (ص) يوجهه برايته فيكنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله على يديه، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها عيسى بن مريم (ع)، وفيها قبض يوشع بن نون وصي موسى (ع)، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمئة درهم فضلت من عطائه (1).
مواقفه (ع) منذ وفاة جده المصطفى (ص)، وفي حياة أبيه (ع).
1 - جاء الإمام الحسن (ع) يوما إلى أبي بكر وهو يخطب على المنبر، فقال له: (إنزل عن منبر أبي)، فأجابه أبو بكر: صدقت، والله إنه لمنبر أبيك، لا منبر أبي، فبعث علي إلى أبى بكر: إنه غلام حدث، وإنا لم نأمره، فقال أبو بكر: إنا لم نتهمك (2).
ولو تأملنا إلى قول أمير المؤمنين: إنا لم نأمره: فإنه لا يتضمن إنكارا على الحسن، ولا إدانة لموقفه، بل يتضمن دعما لمطالبته بالحق الموروث، وتذكرة لأبي بكر.
وموقفه عليه السلام في وداع أبي ذر الغفاري (رض)، حينما أبعده عثمان إلى الربذة، في قوله:
يا عماه لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر الكلام، وإن طال الأسف، وقد أتى من القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (ص) وهو عنك راض (3).
2 - في سنة ثلاثين غزا سعيد بن العاص طبرستان، وكان أهلها في خلافة عمر قد صالحوا سويد بن مقرن على مال بذلوه، ثم نقضوا، فغزاهم سعيد بن العاص، ومعه الحسن والحسين وابن عباس (4) قال أبو نعيم بالنسبة إلى الإمام الحسن (ع): دخل أصبهان غازيا، مجتازا إلى غزاة جرجان (5).