التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٤٨
عليهم، فان هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في أهل الدعوة... (1).
وفي هذا الوقت كانت طلائع الجيش الضخم الذي أعده مروان بن الحكم تشق طريقها نحو قرقيسيا بقيادة عبيد الله بن زياد. وكانت مهمة هذا الجيش تصفية جيوب المعارضة في العراق والمشرق ضد النظام الأموي الذي انتقلت فيه السيادة إلى المروانيين، وانتقل معها ولاء ابن زياد الذي ظل خادما أمينا ومخلصا لهذا النظام، مستعدا لتنفيذ أصعب المهمات في سبيله، بمقدار حرصه على استمرارية مصالحه الخاصة. وقد ساعدت خبرة هذا القائد الطويلة في شؤون العراق، على أن يكون الرجل الأكثر جدارة للقيام بهذه المهمة التي كان سائرا إلى تنفيذها بملء الثقة. ولكنها ثقة كانت في غير محلها هذه المرة، فالتغييرات السياسية والعسكرية التي شهدتها الأرض العراقية حينئذ فاقت تصوراته، وفاته أن هذه المهمة كانت آخر مهامه في خدمة النظام الأموي، بسقوطه صريعا على نفس الأرض التي كانت لفترة مسرح عملياته الدموية الرهيبة.

(1) الطبري: 7 / 74، ابن الأثير: 4 / 76.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»