تهيب زفر الموقف الخطير، وخاف على ضيوفه المتهالكين على الشهادة، والمتدافعين لقتال عدو ليسوا في حجمه. فأخذ يلح عليهم بالتروي والرجوع إلى قرقيسيا والعمل على تشكيل جبهة واحدة ضد المروانيين من بني أمية (1) ان شئتم دخلتم مدينتنا وكانت أيدينا واحدة، فإذا جاء هذا العدو قاتلناهم جميعا (2). ولكن هذه المعلومات عن الجيش الأموي الضخم لم تستثر التوابين الذين أصروا على متابعة المسيرة، ورفضوا نصيحة زفر، كما رفضوا من قبل نصيحة أمير الكوفة عبد الله بن يزيد. فقد رد سليمان على الأمير الكلابي قائلا: قد أرادنا أهل مصرنا على مثل ما أردتنا عليه وذكروا الذي ذكرت، وكتبوا الينا بعدما فصلنا، فلم يوافقنا ذلك فلسنا فاعلين (3).
ولابد هنا لاي متتبع لاخبار حركة التوابين، الا ان يستوقفه ذلك الصمود الرائع لهذه الحركة العظيمة، ولا بد ان تنتزع اعجابه تلك الشخصيات القيادية المرتفعة،