التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٤٤
بايمانها المثالي، ونضالها الأسطوري الفريد. انها شخصيات من طراز جديد ومن معدن آخر لا نجد لها مثيلا الا في كتب الأساطير. شخصيات أتقنت جيدا صناعة الموت، وتعدت قوانين الشهادة المعروفة، لتكتب بدمائها شرائع جديدة، ليست لدنياها وانما للتاريخ.
أليس مثيرا أن تقوم حركة أساسها المغامرة وعنوانها الفداء، فتمر عليها سنوات خمس - أكثرها كمنظمة سرية تعمل في الخفاء - دون أن يخبو بريقها أو تفقد شيئا من حماسها المتأجج، حتى في المواجهة المباشرة مع الموت؟.
غير أن رفض سليمان لرغبة زفر بالانكفاء إلى قرقيسيا والتحصن فيها ضد الأمويين، واصراره على التقدم لاكمال المهمة التي التزم بها مع رفاقه في مسيرتهم التكفيرية، لم يحولا دون متابعة الأمير الكلابي تحذيراته للتوابين من الخطر الداهم الذي يتهددهم، وتقديم نصائحه وخبراته بكل اخلاص لهم.. وهي توجيهات على جانب من الأهمية، خاصة ما يتعلق بجغرافية المنطقة واستراتيجيتها ومواقع الماء فيها.. وكان آخر ما توجه به زفر للتوابين بعد أن أدرك عقم محاولاته في حملهم على التراجع: اني للقوم (أي الأمويين) عدو، وأحب أن يجعل الله عليهم الدائرة، وأنا لكم واد أحب أن يحوطكم الله بالعافية.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»