التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٥٩
رفاقهم الذين وهبهم الله نعمة الشهادة. ولكن رفاعة تمكن بعد صعوبة من اقناعهم بالتخلي عن هذه الفكرة ومتابعة الانسحاب إلى الكوفة (1).
ولم تقتصر متاعب الانسحاب على التمرد والاصرار على الرجوع إلى ساحة القتال، وانما كانت مشاق الرحلة تفوق حدود الاحتمال، وتضفي عليها مسألة الجرحى (2) وفقدان بعضهم في الطريق، ظلالا مأساوية قاتمة. وقد حاول زفر بن الحارث الكلابي مواساتهم والتخفيف عنهم عند وصولهم إلى (قرقيسيا)، فأرسل إليهم المواد الغذائية، والأطباء لمداواة الجرحى، عارضا عليهم الإقامة ما شاءوا في مدينته. فأقاموا فيها ثلاثة أيام (3) انصرفوا بعدها متبعين نفس الطريق الذي حملهم إلى (عين الوردة) حتى إذا بلغوا (هيت) تفجرت أحزانهم من جديد بلقاء إخوانهم من جماعة المدائن بقيادة سعد بن حذيفة بن اليمان، وهم في طريقهم إلى ساحة القتال (4)، فكان مجيئهم متأخرا وفي غير محله.
ولكنهم سجلوا على أية حال موقف التضامن

(1) جون جلوب: إمبراطورية العرب 136.
(2) الفتوح لابن الأعثم الكوفي. نسخة اسطنبول (مخطوطة).
(2) الطبري: 7 / 80.
(4) ابن الأثير: 4 / 78.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 164 165 166 ... » »»