التوبة والوفاء بالعهد تلك الصرخة التي أطلقها سليمان في المعركة والشعار الذي طرحه التوابون منذ سنوات طويلة وقاسية، اقترن الآن بالفعل وحانت ساعة تنفيذه. لقد دخلوا حرب التكفير عن الذنب بأهداف مثالية وقلوب تطفح بالايمان، عبروا عنها ابان المعركة بتكسير أغمدة السيوف (1) والتقدم إلى القتال بشجاعة خارقة وحماس منقطع النظير.
دارت المعارك رهيبة، وبلغت في أيامها الثلاثة التالية (وهو الوقت الذي استغرقته الحرب) مرحلة من التصعيد غير متوقعة. فعلى جبهة التوابين الدافقة بالحيوية والنشاط، كانت تحركات المقاتلين تتم في سرعة عجيبة، والوحدات الانتحارية الصاعقة كانت تحقق نجاحات مذهلة على أطراف ومقدمات الجيش الأموي، الامر الذي أحدث ارتباكات في صفوفه وأفقده كثيرا من عناصره المقاتلة. ففي اليوم الأول للمعارك الجدية دار قتال ضاري بين الطرفين حسمه التوابون بهجوم عنيف على طرفي الجيش الأموي فتراجع مهزوما، تاركا وراءه الكثير من القتلى والجرحى (2). وقد تركت هذه الهزيمة صدى استياء