التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٢٨
وكان من أبرز المتخلفين شيعة المدائن والبصرة (1) فضلا عن تخلف عدد غير قليل من شيعة الكوفة..
وما كان لعزوف الكثيرين عن تلبية دعوة سليمان في (النخيلة) أي تأثير على معنويات زعماء الحركة أو أي انعكاس على عزائمهم الثابتة. فقد بلغ بهم الايمان حدا جعلهم لا يفكرون الا بالهدف الذي خرجوا من أجله، ولن يعيقهم عن تحقيقه عائق مهما بدت الطريق اليه صعبة وشائكة. وما أروع ما جاء في خطاب سليمان، في تلك الفترة الحرجة التي لا يصمد فيها سوى أصحاب الايمان، متحدثا عن محتوى الهدف الذي هم سائرون لتحقيقه:
ايها الناس فان الله قد علم ما تنوون، وما خرجتم تطلبون، وان للدنيا تجارا وللآخرة تجارا. فأما تاجر الآخرة فساع إليها منتصب بتطلابها لا يشتري بها ثمنا لا يرى الا قائما وقاعدا وراكعا وساجدا، لا يطلب ذهبا ولا فضة، ولا دنيا ولا لذة. واما تاجر الدنيا فمكب عليها راتع فيها لا يبتغي بها بدلا. فعليكم يرحمكم الله في وجهكم هذا بطول الصلاة في جوف الليل، وبذكر الله كثيرا على كل حال وتقربوا إلى الله جل ذكره بكل خير قدرتم عليه حتى تلقوا هذا العدو والمحل القاسط فتجاهدوه، فإنكم لن تتوسلوا إلى ربكم بشيء هو أعظم

(1) الطبري: 7 / 69.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»