التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٨٠
الأول:
الضلال في العقيدة، فالناس ضلال في حيرة... وحاطبون في فتنة، وهم حائرون لأنه حيث لا يستقر الإنسان على عقيدة أو يؤدي به الفساد العام إلى عقيدة باطلة، فإنه يشعر بالضياع ويشعر بانعدام الهدف... انعدام المعنى من وجوده، يشعر بالعبث حين يواجه نفسه بسؤال: من أنا؟ لماذا أنا هنا؟ ما المعنى لوجودي؟...
وهكذا يمضي هذا الإنسان الضائع في التماس الجواب حيث لا جواب، لأنه.. بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره.
الثاني:
الفساد السياسي والاجتماعي، فالناس قد أوقعتهم كبرياؤهم التي لا مبرر لها في الزلل والسقوط الحضاري، فحملت أقوياءهم على احتقار ضعفائهم وفقرائهم... وخاصتهم إلى الاستهانة بعامتهم، فهانت كرامة الإنسان من حيث هو إنسان، وغدا مقياس الكرامة خاضعا لعوامل غير إنسانية: للثروة، أو للقوة، أو للنسب، وما إليها. لقد غدا الناس - نتيجة لذلك مللا متفرقة متناحرة، لكل ملة مذهب وطريق، ولكل فئة هوى واتجاه، ولكل فريق منهج وغاية، والكل مفتون برأيه، مأخوذ بهواه، يعمل على شاكلته.
والنبوة تعالج وجوه الفساد كلها في الإنسان والمجتمع، في الروح وفي المادة، والمؤسسات لتحقق الغاية العظيمة النبيلة، وهي تكوين الإنسان المتكامل.
وقد أعلن الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين هدفهم هذا على مدى التاريخ، كل واحد منهم في المحيط الذي بعث إليه في الزمان الذي كان فيه.. إلى أن ختمت النبوة بمحمد (ص) فكان هذا الهدف العظيم بحجم امتداد الرسالة الخاتمة في الزمان والمكان على مستوى البشرية كلها وعلى مدى المستقبل كله... إلى نهاية الزمان: فبالغ (ص) في النصيحة، ومضى على الطريقة، ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة...... فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.
وقد أثمر جهد الأنبياء العظيم النبيل وجهادهم ومن اتبعهم وجرى على سنتهم -
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»