... إن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر 1.
وقد وردت مادة (و. ر. ث) في نهج البلاغة في مواضع كثيرة بصيغة الفعل الماضي والفعل المضارع، وبصيغة الاسم (ميراث، تراث) وغيرهما، واستعملت في الماديات والمعنويات، فمن استعمالها في المعنويات قوله: لا ميراث كالأدب.. 2 و... العلم وراثة كريمة... 3. واستعملها في المعنويات في السلطة السياسية في قوله: إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد صلى الله عليه وآله تفويقا... 4 وقوله: فصبرت وفي العين قذى... أرى تراثي نهبا... 5.
* وعلى ضوء هذه الاستعمالات يمكن أن يقال أن التراث أو الميراث - بمعناه العام، لا بمعناه الاصطلاحي الفقهي - هو كل ما يخلفه سابق في الحياة للاحق له في الزمان، مهما بعد الزمان بالمورث، سواء في ذلك الماديات والمعنويات.
وإذن، فما يقع عليه اسم التراث أو الميراث شئ لم يكن في حوزة الوراث وإنما انتقل إليه من غيره. وهو قد يكون في حاجة إليه وقد لا يكون في حاجة إليه. ومع كونه في حاجة إليه فقد يعي حاجته إليه ويستعمله وينتفع به، وقد يعي حاجته إليه ولكنه ينصرف عنه لسبب أو لآخر، وقد لا يعي حاجته إليه فيهمله ولا يعني به إلا باعتباره أثرا من الآثار التي تتصل بأحبته وأهله الماضين ربما تكون له قيمة عاطفية ولكن ليس له قيمة عملية في حياة الوارث.
وهذا يعني أن التراث أو الميراث ليس - بالضرورة - جزءا مقوما للحياة الحاضرة تفسد بدونه لأنه يشغل فيها حيزا مهما وأساسا، ويسد فيها حاجات ملحة لا غنى عنها، وإنما