وقد كان أمير المؤمنين علي (ع) أعلم أهل البيت (ع) والصحابة قاطبة بما قاله رسول الله (ص) أو فعله وأقره، فقد عاش علي (ع) في بيت رسول الله (ص) منذ طفولته، وبعث الرسول (ص) وعلي عنده، وكان أول من آمن به، ولم يفارقه منذ بعثته (ص) إلى حين وفاته إلا في تنفيذ المهمات التي كان يكلفه بها خارج المدينة وهي لم تستغرق الكثير من وقته، ومن هنا، من تفرغه الكامل لتلقي التوجيه النبوي، ووعيه الكامل لما كان يتلقاه كان الإمام أعلم الناس بسنة رسول الله وكتاب الله.
4 - القراءة:
فقدر أن الإمام عليا قد قرأ مدونات تاريخية باللغة العربية أو بغيرها من اللغات التي كانت متداولة في المنطقة التي شهدت نشاطه، وخاصة بعد أن انتقل من الحجاز إلى العراق واضطرته مشكلات الحكم والفتن إلى التنقل بين العراق وسوريا، وإن كنا لا نعلم ما إذا كانت هذه المدونات قد دفعت إليه صدفة أو أنه بحث عن كتب كهذه وقرأها أو قرئت له بلغاتها الأصلية مع ترجيحنا أنه عليه السلام كان يعرف اللغة الأدبية التي كانت سائدة في المنطقة العراقية السورية.
5 - الآثار القديمة:
وربما كانت الآثار العمرانية للأمم القديمة من جملة مصادر المعرفة التاريخية عند الإمام عليه السلام، ويعزز هذا الظن بدرجة كبيرة قوله في النص الآنف الذكر:
وسرت في آثارهم مما يحمل دلالة واضحة على أن مراده الآثار العمرانية.
وقد خبر الإمام في حياته أربعة من أقطار الإسلام، هي: شبه الجزيرة العربية، واليمن، والعراق، وسوريا.
ونقدر أنه قد زار الآثار الباقية من الحضارات القديمة في هذه البلاد، وإذا كان هذا قد حدث - ونحن نرجح حدوثه - فمن المؤكد أن الإمام لم يزر هذه الآثار زيارة سائح ينشد التسلية إلى جانب الثقافة، أو زيارة عالم آثار يتوقف عند الجزئيات، وإنما زارها زيارة معتبر مفكر يكمل معرفته النظرية بمصائر الشعوب والجماعات بمشاهدة بقايا وأطلال مدنها ومؤسساتها التي حل بها الخراب بعد أن انحط بناتها وفقدوا