تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٨٠
ممن بلغ الحلم وانتهت عساكره إلى ثمانية وستين ألفا وبلغه أن الناس يرون تقديم الخوارج فقال لهم ان قتال أهل الشام أهم علينا لأنهم يقاتلونكم ليكونوا ملوكا جبارين ويتخذوا عباد الله خولا فرجعوا إلى رأيه وقالوا سر بنا إلى حيث شئت وبينما هو على اعتزام السير إلى أهل الشام بلغه ان خوارج أهل البصرة لقوا عبد الله بن خباب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا من النهروان فعرفهم بنفسه فسألوه عن أبي بكر وعمر فأثنى خيرا ثم عن عثمان في أول خلافته وآخرها فقال كان محقا في الأول والآخر فسألوه عن علي قبل التحكيم وبعده فقال هو أعلم بالله وأشد توقيا على دينه فقالوا انك توالى الرجال على أسمائها ثم ذبحوه وبقروا بطن امرأته ثم قتلوا ثلاث نسوة من طيئ فأسف عليا قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم على الناس فبعث الحرث بن مرة العبدي لينظر فيما بلغه عنهم فقتلوه فقال له أصحابه كيف ندع هؤلاء ونأمن غائلتهم في أموالنا وعيالنا انما نقدم أمرهم على الشام وقام الأشعث بن قيس بمثل ذلك فوافقهم على وسار إليهم وبعث من يقول لهم ادفعوا الينا قتلة إخواننا منكم فنكف عنكم حتى نرجع من قتال العرب (3) لعل الله يردكم إلى خير فقالوا كلنا قتلهم وكلنا مستحل دماءكم ودماءهم ثم جاءهم قيس بن سعد ووعظهم وأبو أيوب الأنصاري كذلك ثم جاءهم على فتهددهم وسفه رأيهم ويريهم شأن الحكمين وانهما لما خالفا حكم الكتاب والسنة نبذنا أمرهما ونحن على الامر الأول فقالوا انا كفرنا بالتحكيم وقد تبنا فان تبت أنت فنحن معك وان أبيت فقد نابذناك فقال كيف أحكم على نفسي بالكفر بعد ايماني وهجرتي وجهادي ثم انصرف عنهم وقيل إن عليا خطبهم وأغلظ عليهم فيما فعلوه من الاستعراض والقتل فتنادوا لا تكلموهم وتأهبوا للقاء الله ثم قصدوا جسر الخوارج ولحقهم على دونه وقد عبى أصحابه وعلى ميمنته حجر بن عدى وعلى ميسرته شبث بن ربعي أو معقل بن قيس وعلى الخيل أبو أيوب وعلى الرجالة أبو قتادة وعلى أهل المدينة سبعمائة أو ثمانمائة قيس بن سعد وعبأت نحوه الخوارج على ميمنتهم زيد بن حصين الطائي وعلى الميسرة شريح بن أو في العنسي وعلى الخيل حمزة بن سنان الأسدي وعلى الرجالة حرقوص بن زهير ودفع على إلى أبي أيوب راية أمانا لهم لمن جاءها ممن لم يقتل ولم يستعرض فناداهم إليها وقال من انصرف إلى الكوفة والمدائن فهو آمن فاعتزل عنهم فروة بن نوفل الأشجعي في خمسمائة وقال أعتزل حتى يتضح لي أمر في قتال على فنزل الدسكرة وخرج آخرون إلى الكوفة ورجع آخرون إلى على وكانوا أربعة آلاف وبقي منهم ألف وثمانمائة فحمل عليهم على والناس حتى فرقهم على الميمنة والميسرة ثم استقبلتهم الرماة وعطفت عليهم الخيل من المجنبتين ونهض إليهم الرجال بالسلاح فهلكوا كلهم في ساعة واحدة كأنما
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»