تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٨٧
البصرة خراج دارابجرد وقالوا هو فيئنا لا نعطيه وخطب الحسن أهل العراق وقال سخى نفسي عنكم ثلاث قتل بنت أبي وطعني وانتهاب بيتي ثم قال ألا وقد أصبحتم بين قبيلين قبيل بصفين يبكون له وقبيل بالنهروان يطلبون بثاره وأما الباقي فخاذل وأما الباكي فثائر وان معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة فان أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله بظبا السيوف وان أردتم الحياة قبلنا وأخذنا لكم الرضى فناداه الناس من كل جانب البقية البقية فأمضى الصلح ثم بايع لمعاوية لستة أشهر من بيعته ودخل معاوية الكوفة وبايعه الناس وكتب الحسن إلى قيس بن سعد يأمره بطاعة معاوية فقام قيس في أصحابه فقال نحن بين القتال مع غير امام أو طاعة امام ضلالة فقال الناس طاعة الامام أولى وانصرفوا إلى معاوية فبايعوه وامتنع قيس وانصرف فلما دخل معاوية الكوفة أشار عليه عمرو بن العاصي ان يقيم الحسن للناس خطيبا ليبدو للناس عيه فلما قدم حمد الله وقال أيها الناس ان الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وان لهذا الامر مدة والدنيا دول والله عز وجل يقول لنبيه وان أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين فقال له معاوية اجلس وعرف أنه خدع في رأيه ثم ارتحل الحسن في أهل بيته وحشمهم إلى المدينة وخرج أهل الكوفة لوداعه باكين فلم يزل مقيما بالمدينة إلى أن هلك سنة تسع وأربعين وقال أبو الفرج الأصبهاني سنة احدى وخمسين وعلى فراشه بالمدينة وما ينقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجه جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة وحاشا لمعاوية من ذلك وأقام قيس بن سعد على امتناعه من البيعة وكان معاوية قد بعث عبد الله بن عامر في جيش إلى عبيد الله بن عباس لما كتب إليه في الأمان بنفسه فلقيه ليلا وأمنه وسار معه إلى معاوية فقام بأمر العسكر بعده قيس بن سعد وتعاقدوا على قتال معاوية حتى يشترط لشيعة على على دمائهم وأموالهم وما كانوا أصابوا في الفتنة وبلغ الخبر إلى معاوية وأشار عليه عمرو في قتاله وقال معاوية يقتل في ذلك أمثالهم من أهل الشام ولا خير فيه ثم بعث إليه بصحيفة ختم في أسفلها وقال اكتب في هذا ما شئت فهو لك فكتب قيس له ولشيعته الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال ولم يسأل مالا فأعطاه معاوية ذلك وبايعه قيس والشيعة الذين معه ثم جاء سعد بن أبي وقاص فبايعه واستقر الامر لمعاوية واتفق الجماعة على بيعته وذلك في منتصف سنة احدى وأربعين وسمى ذلك العام عام الجماعة من أجل ذلك ثم خرج عليه الخوارج من كل جهة من بقية أهل النهروان وغيرهم فقاتلهم واستلحمهم كما يأتي في أخبارهم على ما اشترطناه في تأليفنا من افراد الاخبار عن الدول وأهل النحل دولة دولة وطائفة طائفة (وهذا) آخر الكلام في الخلافة الاسلامية وما كان فيها من الردة
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 » »»