تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٤٦
فتمثل لها جبريل بشرا فذهبت لتجزع فقال لها انما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا فاستسقاها وعن وهب بن منبه أنه نفخ في جيب درعها فوصلت النفخة إلى الرحم فاشتملت على عيسى فكان معها ذو قرابة يسمى يوسف النجار وكان في مسجد بجبل صهيون وكان لخدمته عندهم فضل وكانا يجمرانه ويقمانه وكانا صالحين مجتهدين في العبادة ولما رأى ما بها من الحمل استعظمه وعجب منه لما يعلم من صلاحها وأنها لم تغب قط عنه ثم سألها فردت الامر إلى قدرة الله فسكت وقام بما ينوبها من الخدمة فلما بان حملها أفضت بذلك إلى خالتها ايشاع وكانت أيضا حبلى بيحيى فقالت لها انى أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك ثم أمرت بالخروج من بلدها خشية أن يعيرها قومها ويقتلوا ما في بطنها فاحتملها يوسف إلى مصر وأخذها المخاض في طريقها فوضعته كما قصه القرآن واحتملته على الحمار وأقامت تكتم أمرها من الناس وتتحفظ به حتى بلغ ثنتي عشرة سنة وظهرت عليه الكرامات وشاع خبره فأمرت أن ترجع به إلى إيلياء فرجعت وتتابعت عنه المعجزات وانثال الناس عليه يستشفون ويسألون عن الغيوب قال الطبري وفى خبر السدي انها انما خرجت من المسجد لحيض أصابها فكان نفخ الملك وأن ايشاع خالتها التي سألتها عن الحمل وناظرتها فيه فحجتها بالقدرة وأن الوضع كان في شرقي بيت لحم قريبا من بيت المقدس وهو الذي بنى عليه بعض ملوك الروم البناء الهائل لهذا العهد قال ابن العميد مؤرخ النصارى ولد لثلاثة أشهر من ولادة يحيى بن زكريا ولإحدى وثلاثين من دولة هيردوس الأكبر ولثنتين وأربعين من ملك أو غشطش قيصر وفى الإنجيل ان يوسف تزوجها ومضى بها ليكتم أمرها في بيت لحم فوضعته هنا لك ووضعته في مدود لأنها لم يكن لها موضع نزل وأن جماعة من المجوس بعثهم ملك الفرس يسألون أين ولد الملك العظيم وجاؤا إلى هيردوس يسألونه وقالوا جئنا لنسجد له وحدثوه بما أخبر الكهان وعلماء النجوم من شأن ظهوره وأنه يولد ببيت لحم من ابن سنتين فما دونها وسمع أو غشطش قيصر بخبر المجوس فكتب إلى هيردوس يسأله فكتب له بمصدوقية خبره وأنه قتل فيمن قتل من الصبيان وكان يوسف النجار قد أمر أن يخرج به إلى مصر فأقام هنا لك ثنتي عشرة سنة وظهر عليه الكرامات وهلك هيردوس الذي كان يطلبه وأمروا بالرجوع إلى إيليا فرجعوا وظهر صدق شعيا النبي في قوله عنه من مصر دعوتك وفى كتاب يعقوب بن يوسف النجار حذرا من أن يكتب كما أمر أو غشطش في بعض أيامه فأجاءها المخاض وهي في طريقها على حمار فصابرته إلى قرية بيت لحم وولدت في غار وسماه ايشوع وأنه لما بلغ سنتين وكان من أمر المجوس ما قدمناه حذر هيردوس من شأنه وأمر أن يقتل الصبيان ببيت لحم فخرج يوسف به وبأمه إلى مصر أمر بذلك في نومه وأقام بمصر سنتين
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»