تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٤٥
دمه سبعين ألفا فسكن دمه ويشكل أن يحيى كان مع المسيح في عصر واحد باتفاق وأن ذلك كان بعد بختنصر بأحقاب متطاولة وفى هذا ما فيه وفى الإسرائيليات من تأليف يعقوب بن يوسف النجار أن هيردوس قتل زكريا عندما جاء المجوس للبحث عن ايشوع والانذار به وأنه طلب ابنه يوحنا ليقتله مع من قتل من صبيان بيت لحم فهربت به أمه إلى الشقراء واختفت فطالب به أباه زكريا وهو كهنون في الهيكل فقال لا علم لي هو مع أمه فتهدده وقتله ثم قال بعد قتل زكريا بسنة يعقوب بن يوسف إلى أن مات هيردوس (وأما مريم سلام الله عليها) فكانت بالمسجد على حالها من العبادة إلى أن أكرمها الله بالولاية وبين الناس في نبوتها خلاف من أجل خطاب الملائكة لها وعند أهل السنة أن النبوة مختصة بالرجل قاله أبو الحسن الأشعري وغيره وأدلة الفريقين في أماكنها وبشرت الملائكة مريم باصطفاء الله لها وأنها تلد ولدا من غير أب يكون نبيا فعجبت من ذلك فأخبرتها الملائكة ان الله قادر على ما يشاء فاستكانت وعلمت أنها محنة بما تلقاه من كلام الناس فاحتسبت وفى كتاب يعقوب بن يوسف النجار أن أمها حنة توفيت لثمان سنين من عمر مريم وكان من سنتهم انها إن لم تقبل التزويج يفرض لها من أرزاق الهيكل فأوحى الله إليه أن يجمع أولاد هارون ويردها إليهم فمن ظهرت في عصاه آية تدفعها إليه تكون له شبه زوجة ولا يقربها وحضر الجمع يوسف النجار فخرج من عصاه حمامة بيضاء ووقفت على رأسه فقال له زكريا هذه عزراء الرب تكون لك شبه زوجة ولا تردها فاحتملها متكرها بنت ثنتي عشرة سنة إلى ناصرة فأقامت معه إلى أن خرجت يوما تستسقى من العين فعرض لها الملك أولا وكلمها ثم عاودها وبشرها بولادة عيسى كما نص القرآن فحملت وذهبت إلى زكريا ببيت المقدس فوجدته على الموت وهو يجود بنفسه فرجعت إلى ناصرة ورأى يوسف الحمل فلطم وجهه وخشى الفضيحة مع الكهنونية فيما شرطوا عليه فأخبرته بقول الملك فلم يصدق وعرض له الملك في نومه وأخبره ان الذي بها من روح القدس فاستيقظ وجاء إلى مريم فسجد لها وردها إلى بيتها ويقال ان زكريا حضر لذلك وأقام فيهما سنة اللعان الذي أوصى به موسى فلم يصبهما شئ وبرأهما الله ووقع في إنجيل متى ان يوسف خطب مريم ووجدها حاملا قبل أن يجتمعا فعزم على فراقها خوفا من الفضيحة فأمر في نومه أن يقبلها وأخبره الملك بأن المولود من روح القدس وكان يوسف صديقا وولد على فراشه ايشوع انتهى (وقال الطبري) كانت مريم ويوسف بن يعقوب بن عمها وفى رواية عنه أنه ابن خالها وكانوا سدنة في بيت المقدس لا يخرجان منه الا لحاجة الانسان وإذا نفد ماؤهما فيملان من أقرب المياه فمضت مريم يوما وتخلف عنها يوسف ودخلت المغارة التي كانت تعهد أنها للورد
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»