تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٥٦
الجمع ليرى ما عندهم فقال رجل ان هؤلاء القوم ان كانوا جاؤوا خائفين فبلدهم يأمن فيه الطير وان جاؤوا لدم عثمان فما نحن بقتلته فأطيعوني وردوهم من حيث جاؤوا فقال الأسود بن سريع السعدي انما جاؤوا يستعينون بنا على قتلته منا ومن غيرنا فحصبه الناس فعرف عثمان ان لهم بالبصرة ناصرا وكسره ذلك كله وانتهت عائشة ومن معها إلى المربد وخرج إليها عثمان فيمن معه وحضر أهل البصرة فتكلم طلحة من الميمنة فحمد الله وذكر عثمان وفضله ودعا إلى الطلب بدمه وحث عليه وكذلك الزبير فصدقهما أهل الميمنة وقال أصحاب عثمان من الميسرة بايعتم عليا ثم جئتم تقولون ثم تكلمت عائشة وقالت كان الناس يتجنون على عثمان ويأتوننا بالمدينة فنجدهم فجرة ونجده برا تقيا وهم يحاولون غير ما يظهرون ثم كثروا واقتحموا عليه داره وقتلوه واستحلوا المحرمات بلا ترة ولا عذر ألا وان مما ينبغي لكم ولا ينبغي غيره أخذ قتلة عثمان وإقامة كتاب الله ثم قرأت ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم الآية فاختلف أصحاب عثمان عليه ومال بعضهم إلى عائشة ثم افترق الناس وتحاصبوا وانحدرت عائشة إلى المربد وجاءها جارية بن قدامة السعدي فقال يا أم المؤمنين والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح انه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكت سترك وأبحت حرمتك وانه من رآى قتالك يرى قتلك فان كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك وإن كنت مكرهة فاستعيني بالله وبالناس على الرجوع وأقبل حكيم بن جبلة وهو على الخيل فأنشب القتال وأشرع أصحاب عائشة رماحهم فاقتتلوا على فم السكة وحجز الليل بينهم وباتوا يتأهبون وعاداهم حكيم بن جبلة فاعترضه رجل من عبد القيس فقتله حكيم ثم قتل امرأة أخرى واقتتلوا إلى أن زال النهار وكثر القتل في أصحاب عثمان بن حنيف ولما عضتهم الحرب تنادوا إلى الصلح وتوادعوا على أن يبعثوا إلى المدينة فإن كان طلحة والزبير أكرها سلم لهم عثمان الامر والا رجعا عنه وسار كعب بن سور القاضي إلى أهل المدينة يسألهم عن ذلك فجاءهم يوم جمعة وسألهم فلم يجبه الا أسامة بن زيد فإنه قال بايعا مكرهين فضربه الناس حتى كاد يقتل ثم خلصه صهيب وأبو أيوب ومحمد بن مسلمة إلى منزله ورجع كعب وبلغ الخبر بذلك إلى على فكتب إلى عثمان بن حنيف يعجزه ويقول والله ما أكرها على فرقة ولقد أكرها على جماعة وفضل فان كانا يريدان الخلع فلا عذر لهما وان كانا يريدان غير ذلك نظرنا ونظروا ولما جاء كعب بقول أهل المدينة بعث طلحة والزبير إلى عثمان ليجتمع بهما فامتنع واحتج بالكتاب وقال هذا غير ما كنا فيه فجمع طلحة والزبير الناس وجاءا إلى المسجد بعد صلاة العشاء في ليلة ظلماء شاتية وتقدم عبد الرحمن بن عتاب في الوحل فوضع السلاح في
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»