تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٣٢
وذلك أنه تزوج كلوبطره وملك مصر وكانت ساحرة فسحرته واستمالته وحملته على قتل ملوك كانوا في طاعة الروم وأخذ بلادهم وأموالهم وسبى نسائهم وأموالهم وأولادهم وكان من جملتهم هيردوس وتوقف فيه خشية من أو غشطش قيصر لأنه كان يكرمه بسبب ما صنع في الآخرين فحمله على الانتقاض والعصيان ففعل وجمع العسكر واستدعى هيردوس فجاءه وبعثه إلى قتال العرب وكانوا خالفوا عليه فمضى هيردوس لذلك ومعه أنيثاون قائد كلوبطره وقد دست له أن يجر الهزيمة على هيردوس ليقتل ففعل وثبت هيردوس وتخلص من المعترك بعد حروب صعبة هلك فيها بين الفريقين خلق كثير ورجع هيردوس إلى بيت المقدس فصالح جميع الملوك والأمم المجاورين له وامتنع العرب من ذلك فسار إليهم وحاربهم ثم استباحهم بعد أيام ومواقف بذلوا وجمعوا له الأموال وفرض عليهم الخراج في كل سنة ورجع وكان انطيانوس لما بعثه إلى العرب سار هو إلى رومة وكانت بينه وبين أو غشطش قيصر حروب هزمه قيصر في آخرها وقتله وسار إلى مصر فخافه هيردوس على نفسه لما كان منه في طاعة انطيانوس وموالاته ولم يمكنه التخلف عن لقائه فأخرج خدمه من القدس فبعث بأمه وأخته إلى قلعة الشراة لنظر أخيه فرودا وبعث بزوجه مريم وأمه الاسكندرة إلى حصن الإسكندرونة لنظر زوج أخته يوسف ورجل آخر من خالصته من أهل صور اسمه سوما وعهد إليها بقتل زوجته وأمها ان قتله قيصر ثم حمل معه الهدايا وسار إلى قيصر أو غشطش وكان تحقد له صحبة انطيانوس فلما حضر بين يديه عنفه وأزاح التاج عن رأسه وهم بعقابه فتلطف هيردوس في الاعتذار وأن موالاته لانطيانوس انما كان لما أولى من الجميل في السعاية عند الملك وهي أعظم أياديه عندي ولم تكن موالاتي له في عداوتك ولا في حربك ولو كان ذلك وأهلكت نفسي دونه كنت غير ملوم فان الوفاء شأن الكرام فان أزلت عنى التاج فما أزلت عقلي ولا نظري وان أبقيتني فأنا محل الصنيعة والشكر فانبسط أو غشطش لكلامه وتوجه كما كان وبعثه على مقدمته إلى مصر فلما ملك مصر وقتل كلوبطره وهب لهيردوس جميع ما كان انطيانوس أعطاها إياه ونفل فأعاد هيردوس إلى ملكه ببيت المقدس وسار إلى رومية قال ابن كريون ولما عاد هيردوس إلى بيت المقدس أعاد حرمه من أماكنهن فعادت زوجته مريم وأمها من حصن الإسكندرونة وفى خدمتها يوسف زوج أخته وسوما الصوري وقد كانا حدثا المرأة وأمها بما أسر إليهما هيردوس وقد كان سلف منه قتل هرقانوس وارستبلوس فشكرتا له وبينما هو آخذ في استمالة زوجته إذ رمتها أخته بالفاحشة مع سوما الصوري في ملاحاة جرت بينهما ولم يصدق ذلك هيردوس للعداوة والثقة بعفة الزوجة ثم جرى منها في بعض الأيام وهو في سبيل استمالتها
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»