الأرمن الذين كانوا غلبوا عليها وساروا إلى القدس فوجد اليهود يحاربون هرقانوس وانظفتر فأعانهما حتى استقام ملك هرقانوس ثم سار إلى الفرس في عساكره فغلبهم وحملهم على طاعة الروم ورد الملوك الذين كانوا عصوا عليهم إلى الطاعة وكانوا اثنين وعشرين ملكا من الفرس كان فمقيوس قائد الروم هزمهم فلما سار عنهم انتقضوا قال ابن كريون ثم ابتدا أمر القياصرة وملك على الروم يولياس ولقبه قيصر لان أمه ماتت حاملا به عند مخاضها فشق بطنها عنه فلذلك سمى قيصر ومعناه بلغتهم القاطع ويسمى أيضا يولياس باسم الشهر الذي ولد فيه وهو يوليه خامس شهورهم ومعنى هذه اللفظة عندهم الخامس وكان الثلثمائة والعشرون المدبرون أمر الروم والشيخ الذي عليهم قد أحكموا أمرهم مع جماعة الروم على أن لا يقدموا عليهم ملكا وأنهم يعينون للحروب في الجهات قائدا بعد آخر هذا ما اتفقوا عليه النقلة في الحكاية عن أمر الروم وابتداء ملك القياصرة قالوا ولما رأى قيصر هذا الشيخ الذي كان لذلك العهد كبر وشب على غاية من الشجاعة والاقدام فكانوا يبعثونه قائدا على العساكر إلى النواحي فأخرجوه مرة إلى المغرب فدوخ البلاد ورجع فسمت نفسه إلى الملك فامتنعوا له وأخبروه أن هذا سنة آبائهم منذ أحقاب وحدثوه بالسبب الذي فعلوا ذلك لاجله وهو أمر كيوس وانه عهد لأولهم لا ينقض وقد دوخ فمقيوس الشرق وطوع اليهود ولم يطمع في هذا فوثب عليهم قيصر وقتلهم واستولى على ملك الروم منفردا به وسمى قيصر وسار إلى فمقيوس بمصر فظفر به وقتله ورجع فوجد بتلك الجهات قواد فمقيوس فسار إليهم يولياس قيصر ومر ببلاد الأرمن فأطاعوه وكان عليهم ملك اسمه مترداث فبعثه قيصر إلى حربهم فسار في الأرمن ولقيه هرقانوس ملك اليهود بعسقلان ونفر معه إلى مصر هو وانظفتر ليمحوا بعض ما عرف منهم من موالاة فمقيوس وساروا جميعا إلى مصر ولقيتهم عساكرها واشتد الحرب فحصر بلادهم وكادت الأرمن أن ينهزموا فثبت انظفتر وعساكر اليهود وكان لهم الظفر واستولوا على مصر وبلغ الخبر إلى قيصر فشكر لانظفتر حسن بلائه واستدعاه فسار إليه مع ملك الأرمن مترداث فقبله وأحسن وعده وكان أنطقنوس بن ارستبلوس قد اتصل بقيصر وشكى بأن هرقانوس قتل أباه حين بعثه أهل رومة لحرب فمقيوس فتحيل عليه هرقانوس وانظفتر وقتلاه مسموما فأحسن انظفتر العذر لقيصر بأنه انما فعل ذلك في خدمة من ملك علينا من الروم وأنما كنت ناصحا لقائدهم فمقيوس بالأمس وأنا اليوم أيها الملك لك أنصح وأحب فحسن موقع كلامه من قيصر ورفع منزلته وقدمه على عساكره لحرب الفرس فسار إليه انظفتر وأبلى في تلك الحروب ومناصحة قيصر فلما انقلبوا من بلاد الفرس أعادهم قيصر إلى ملك بيت المقدس على ما كانوا عليه
(١٢٧)