وأدركهم فرعون وجنوده وأمر موسى بأن يضرب البحر بعصاه ويقتحمه فضربه فانفلق طرقا وسار فيها بنو إسرائيل وفرعون وجنوده في اتباعه فهلكوا ونزل بنو إسرائيل بجانب الطور وسبحوا مع موسى بالتسبيح المنقول عندهم وهو نسبح الرب البهى الذي قهر الجنود ونبذ فرسانها في البحر المنيع المحمود إلى آخره قالوا وكانت مريم أخت موسى وهارون صلوات الله عليهما تأخذ الدف بيدها ونساء بنى إسرائيل في اثرها بالدفوف والطبول وهي ترتل لهن التسبيح سبحان الرب القهار الذي قهر الخيول وركبانها ألقاها في البحر وهو معنى الأول (ثم كانت المناجاة) على جبل الطور وكلام الله لموسى والمعجزات المتتابعة ونزول الألواح ويزعم بنو إسرائيل انها كانت لوحين فيها الكلمات العشرة وهي كلمة التوحيد والمحافظة على السبت بترك الاعمال فيه وبر الوالدين ليطول العمر والنهى عن القتل والزنا والسرقة وشهادة الزور ولا تمتد عين إلى بيت صاحبه أو امرأته أو لشئ من متاعه هذه الكلمات العشرة التي تضمنتها الألواح وكان سبب نزول الألواح ان بنى إسرائيل لما نجوا ونزلوا حول طور سينا صعد موسى إلى الجبل فكلمه ربه وأمره أن يذكر بنى إسرائيل بالنعمة عليهم في نجاتهم من فرعون وان يتطهروا ويغسلوا ثيابهم ثلاثة أيام ويجتمعوا في اليوم الثالث حول الجبل من بعد ففعلوا وظلت الجبل غمامة عظيمة ذات بروق ورعود ففزعوا وقاموا في سفح الجبل دهشين ثم غشى الجبل دخان في وسطه عمود نور وتزلزل له الجبل زلزلة عظيمة شديدة واشتد صوت الرعد الذي كانوا يسمعونه وأمر موسى صلوات الله عليه بأن يقرب بنى إسرائيل لسماع الوصايا والتكاليف قال فلم يطيقوا فأمر بحضور هارون وتكون العلماء غير بعيد ففعل وجاءهم بالألواح ثم سار بعد ذلك إلى ميعاد الله بعد أربعين ليلة فكلمه. وسأل الرؤية فمنعها فكان الصعق وساخ الجبل وتلقى كثيرا من أحكام التوراة في المواعظ والتحليل والتحريم وكان حين سار إلى الميعاد استخلف أخاه هارون على بنى إسرائيل واسبتطؤوا موسى وكان هارون قد أخبرهم بأن الحلي الذي أخذوه للقبط محرم عليهم فأرادوا حرقه وأوقدوا عليه النار وجاء السامري في شيعة له من بنى إسرائيل وألقى عليه شيئا كان عنده من أثر الرسول فصار عجلا وقيل عجلا حيوانا وعبده بنو إسرائيل وسكت عنهم هارون خوفا من افتراقهم وجاء موسى صلوات الله عليه من المناجاة وقد أخبر بذلك في مناجاته فلما رآهم على ذلك ألقى الألواح ويقال كسرها وأبدل غيرها من الحجارة وعند بنى إسرائيل انهما اثنان وظاهر القرآن أنها أكثر مع أنه لا يبعد استعمال الجمع في الاثنين ثم أخذ برأس أخيه ووبخه واعتذر له بما اعتذر ثم حرق العجل وقيل برده بالمبرد وألقاه في البحر وكان موسى صلوات الله عليه لما نجى ببني
(٨٣)