تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٨٥
الله فيه بشئ يجئ إلى قبة القربان ويقف عند التابوت ويصمد لما بين ذينك الكروبيين فيأتيه الخطاب بما فيه فصل تلك الخصومة (ولما نجا بنو إسرائيل ودخلوا البرية عند سينا أول المصيف لثلاثة أشهر من خروجهم من مصر وواجهوا جبال الشأم وبلاد بيت المقدس التي وعدوا بها إن تكون ملكا لهم على لسان إبراهيم واسحق ويعقوب صلوات الله عليهم بمسيرهم إليها وأتوه باحصاء بنى إسرائيل من يطيق حمل السلاح منهم من ابن عشرين فما فوقها فكانوا ستمائة ألف أو يزيدون وضرب عليهم الغزو ورتب المصاف والميمنة والميسرة وعين مكان كل سبط في التعبية وجعل فيه التابوت والمذبح في القلب وعين لخدمتها بنى لاوي من أسباطهم وأسقط عنهم القتال لخدمة القبة وسار على التعبية سالكا على برية فاران وبعثوا منهم اثنى عشر نقيبا من جميع الأسباط فاتوهم بالخبر عن الجبارين كان منهم كالب بن يوفنا بن حصرون بن بارص بن يهوذا بن يعقوب ويوشع بن نون بن اليشامع بن عميهون بن بارص بن لعدان بن تاحن بن تالح بن اراشف ابن رافح بن بريعا بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب فاستطابوا البلاد واستعظموا العدو من الكنعانيين والعمالقة ورجعوا إلى قومهم يخبرونهم الخبر وخذلوهم الا يوشع وكالب فقالا لهم ما قالا وهما الرجلان اللذان أنعم الله عليهما وخامر بنو إسرائيل عن اللقا وأبوا من السير إلى عدوهم والأرض التي ملكهم الله إلى أن يهلك الله عدوهم على غير أيديهم فسخط الله ذلك منهم وعاقبهم بأن لا يدخل الأرض المقدسة أحد من ذلك الجيل الا كالبا ويوشع وانما يدخلها أبناؤهم والجيل الذي بعدهم فأقاموا كذلك أربعين سنة في برية سينا وفاران يترددون حوالي جبال الشراة وأرض ساعير وأرض بلاد الكرك والشوبك وموسى صلوات الله عليه بين ظهرانيهم يسأل الله لطفه بهم ومغفرته ويدفع عنهم مها لك سخطه وشكوا الجوع فبعث الله لهم المن حبات بيض منتشرة على الأرض مثل ذرير الكزبرة فكانوا يطحنونه ويتخذون منه الخبز لأكلهم ثم قرموا إلى اللحم فبعث لهم السلوى طيرا يخرج من البحر وهو طير السمانى فيأكلون منه ويدخرون ثم طلبوا الماء فأمر أن يضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وأقاموا على ذلك ثم ارتاب واحد منهم اسمه فودح بن ايصهر بن قاهث وهو ابن عم موسى بن عمران بن قاهث فارتاب هو وجماعة منهم من بنى إسرائيل بشأن موسى واعتمدوا مناصبته فأصابتهم قارعة وخسفت بهم وبه الأرض وأصبحوا عبرة للمعتبرين واعتزم بنو إسرائيل على الاستقالة مما فعلوه والزحف إلى العدو ونهاهم موسى عن ذلك فلم ينتهوا وصعدوا جبل العمالقة فحاربهم أهل ذلك الجبل فهزموهم وقتلوهم في كل وجه فأمسكوا وأقام موسى على الاستغفار لهم فأرسل إلى ملك أروم يطلب الجواز عليه إلى الأرض
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»