تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٨٤
إسرائيل إلى الطور بلغ خبره إلى بيثر صهره من بنى مدين فجاء ومعه بنته صفورا زوجة موسى عليه السلام التي زوجها به أبوها رعويل كما تقدم ومعها ابناها من موسى وهما جرشون وعازر فتلقاها موسى صلوات الله عليه بالبر والكرامة وعظمه بنو إسرائيل ورأى كثرة الخصومات على موسى فأشار عليه بأن يتخذ النقباء على كل مائة أو خمسين أو عشرة فيفصلوا بين الناس وتفصل أنت فيما أهم وأشكل ففعل ذلك ثم أمر الله موسى ببناء قبة للعبادة والوحي من خشب الشمشاد ويقال هو السنط وجلود الانعام وشعر الأغنام وأمر بتزيينها بالحرير والصبغ والذهب والفضة على أركانها صور منها صور الملائكة الكروبيين على كيفيات مفصلة في التوراة في ذلك كله ولها عشر سرادقات مقدرة الطول والعرض وأربعة أبواب واطناب من حرير منقوش مصبغ وفيها دفوف وصفائح من ذهب وفضة وفى كل زاوية بابان وأبواب وستور من حرير وغير ذلك مما هو مشروح في التوراة وبعمل تابوت من خشب الشمشاد طول ذراعين ونصف في عرض ذراعين في ارتفاع ذراع ونصف مصفحا بالذهب الخالص من داخل وخارج وله أربع حلق في أربع زوايا وعلى حافته كروبيان من ذهب يعنون مثالي ملكين بأجنحة ويكونان متقابلين وان يصنع ذلك كله فلان شخص معروف من بنى إسرائيل وأن يعمل مائدة من خشب الشمشاد طول ذراعين في عرض ذراع ونصف بطناب ذهب وإكليل ذهب بحافة مرتفعة بإكليل ذهب وأربع حلق ذهب في أربع نواحيها مغروزة في مثل الرمانة من خشب ملبس ذهبا وصحافا ومصافي وقصاعا على المائدة كلها من ذهب وان يعمل منارة من ذهب بست قصبات من كل جانب ثلاث وعلى كل قصبة ثلاث سرج وليكن في المنارة أربعة قناديل ولتكن هي وجميع آلاتها من قنطار من ذهب وأن يعمل مذبحا للقربان ووصف ذلك كله في التوراة بأتم وصف ونصبت هذه القبة أول يوم من فصل الربيع ونصب فيها تابوت الشهادة وتضمن هذا الفصل في التوراة من الاحكام والشرائع في القربان والنحور وأحوال هذه القبة كثيرا وفيها أن قبة القربان كانت موجودة قبل عبادة أهل العجل وأنها كانت كالكعبة يصلون إليها وفيها ويتقربون عندها وأن أحوال القربان كانت كلها راجعة إلى هارون عليه السلام بعهد الله إلى موسى بذلك وأن موسى صلوات الله عليه كان إذا دخلها يقفون حولها وينزل عمود الغمام على بابها فيخرون عند ذلك سجدا لله عز وجل ويكلم الله موسى عليه السلام من ذلك العمود الغمام الذي هو نور ويخاطبه ويناجيه وينهاه وهو واقف عند التابوت صامد لما بين ذينك الكروبيين فإذا فصل الخطاب يخبر بنى إسرائيل بما أوحاه إليه من الأوامر والنواهي وإذا تحاكموا إليه في شئ ليس عنده من
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»