تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٦٩
زحف إليه جيوش الفرس مع ارتاق فضمن القيام بالمجوسية على أن يبقوه في ملكه وكتب بذلك ارتاق إلى بهمن فيضمن له فأجابه بأن هذا رجل متلاعب بالأديان فاقتله فقتله ارتاق وانقرض ملكه بعد ألف وثلثمائة سنة فيما قال البيهقي وفي أربعين ملكا منهم وصارت الجزيرة لملوك الفرس والذي عند الإسرائيليين سنجاريف من ملوك نينوى وهم أولاد موصل بن أشوذ بن سام وأنه كان قبله بالموصل ملوك منهم وهم فول وتلفات وبلناص وأنهم ملكوا بلد الأسباط العشرة وهي شورون المعروفة بالسامرة وأنه غرب الأسباط الذين كانوا فيها إلى نواحي اصبهان وخراسان وأسكن أهل كومة وهي الكوفة في شمورون هذه فسلط الله عليهم السباع يفترسونهم في كل ناحية فشكوا ذلك إلى سنجاريف وسألوه أن يخبرهم عن بلد شمورون في قسمة أي كوكب هي كي يتوجهوا إليه ويستنزلوا روحانيته على طريق الصابئة فأعرض عن ذلك وبعث كاهنان إليهم من اليهود فعلموهم دين اليهودية وأخذوا به وهؤلاء عند اليهود هم الشمرة نسبة إلى شمرة وهي شمورون وليس الشمرة عندهم من بنى إسرائيل ولان دينهم صحيح في اليهودية وزحف سنجاريف عندهم إلى بيت المقدس بعد استيلائه على شورمون فحاصرها وداخله العجب بكثرة عساكره فقال لبنى إسرائيل من الذي خلصه الهه من يدي حتى يخلصكم إلهكم وفزع ملك بنى إسرائيل إلى نبيهم مدليلا وسأله الدعاء فدعا له وأمنه من شر سنجاريف ونزلت بعسكره في بعض لياليهم آفة سماوية فأصبحوا كلهم قتلى يقال أحصى قتلاهم فكانوا مائة وخمسة وثمانين ألفا ورجع سنجاريف إلى نينوى ثم قتله أولاده في سجوده لمعبوده من الكواكب وولى ابنه أيسرحدون ثم استولى عليهم بعد ذلك بختنصر كما سنذكره في خبره (وأما ملوك بابل) فهم النبط بنو نبيط بن أشوذ بن سام وقال المسعودي نبيط بن ماش بن ارم وكانوا موطنين بأرض بابل وملك منهم سوريان بن نبيط وقال المسعودي هو أحد نبيط بن ماش ملك أرض بابل بولاية من فالغ فلما مات فالغ أظهر بدعة الصابئة وانتحلها بعده ابنه كنعان ويلقب بالنمروذ وملك بعده ابنه كوش وهو نمروذ إبراهيم عليه السلام وهو الذي قدم أباه آزر فاصطفاه هاجر على بيت الأصنام لان أرعو بن فالغ لما هلك أبوه فالغ وكان على دين التوحيد الذي دعاه إليه أبوه عابر رجع حينئذ ارعو إلى كوثا ودخل مع النمارذة في دين الصابئة وتوارثها بنوه إلى آزر بن ناحور فاصطفاه هاجر بن كوش وقدمه على بيت الأصنام وولد له إبراهيم عليه السلام وكان من أمره ما ذكرناه فيما نصه التنزيل ونقله الثقات ثم توالت ملوك النماردة ببابل وكان منهم بختنصر على ما ذهب إليه نصهم ويقال ان الجرامقة وهم أهل نينوى غلبوا على بابل وملكها سنجاريف منهم
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 68 69 70 71 72 74 75 ... » »»