تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٨٦
المقدسة فمنعهم وحال دون ذلك ثم قبض هارون صلوات الله عليه لمائة وثلاثة وعشرين سنة من عمره ولأربعين سنة من يوم خروجهم من مصر وحزن له بنو إسرائيل لأنه كان شديد الشفقة عليهم وقام بأمره الذي كان يقوم به ابنه العيزار ثم زحف بنو إسرائيل إلى بعض ملوك كنعان فهزموهم وقتلوهم وغنموا ما أصابوا معهم وبعثوا إلى سيحون ملك العموريين من كنعان في الجواز في أرضه إلى الأرض المقدسة فمعهم وجمع قومه وغزا بنى إسرائيل في البرية فحاربوه وهزموه وملكوا بلاده إلى حد بنى عمون ونزلوا مدينته وكانت لبنى مؤاب وتغلب عليها سيحون ثم قاتلوا عوجا وقومه من كنعان وهو المشهور بعوج بن عوق وكان شديد البأس فهزموه وقاتلوه وبنيه وأثخنوا في أرضه وورثوا أرضهم إلى الأردن بناحية أريحاء وخشى ملك بنى مؤاب من بنى إسرائيل واستجاش بمن يجاوره من بنى مدين وجمعهم ثم أرسل إلى بلعام بن باعورا وكان ينزل في التخم بين بلاد بنى عمون وبنى مؤاب وكان مجاب الدعوة معبرا للأحلام واستدعاه ليستعين بدعائه وأتاه الوحي بالنهي عن الدعاء وألح عليه ذلك الملك وأصعده إلى الأماكن الشاهقة وأراه معسكر بنى إسرائيل منها فدعا لهم وأنطقه الله بظهورهم وانهم يملكون إلى الموصل ثم تخرج أمة من أرض الروم فيغلبون عليهم فغضب الملك وانصرف بلعام إلى بلاده وفشا في بنى إسرائيل الزنا ببنات مؤاب ومدين فأصابهم الموتان فهلك منهم أربعة وعشرون ألفا ودخل فنحاص بن لعزرا على رجل من بنى إسرائيل في خيمته ومعه امرأة من بنى مدين قد أدخلها للزنا بمرأى من بنى إسرائيل فطعنها برمحه وانتظمها وارتفع الموتان عن بنى إسرائيل ثم أمر الله موسى والعازر بن هارون باحصاء بنى إسرائيل بعد فناء الجيل الذي أحصاهم موسى وهارون ببرية سينا وانقضاء الأربعين سنة التي حرم الله عليهم فيها دخول تلك الأرض وان يبعث بعثا من بنى إسرائيل إلى مدين الذين أعانوا بنى مؤاب فبعث اثنى عشر ألفا من بنى إسرائيل وعليهم فنحاص بن العيرز بن العزر بن هارون فحاربوا بنى مدين وقتلوا ملوكهم وسبوا نساءهم وملكوا أموالهم وقسم ذلك في بنى إسرائيل بعد أن أخذ منه لله وكان فيمن قتل بلعام بن باعورا ثم قسم الأرض التي ملك من بنى مدين والعموريين وبنى عمون وبنى مؤاب ثم ارتحل بنو إسرائيل ونزلوا شاطئ الأردن وقال الله قد ملكتكم ما بين الأردن والفرات كما وعدت آباءكم ونهوا عن قتال عيصو الساكنين ساعير وبنى عمون وعن أرضهم وأكمل الله الشريعة والاحكام والوصايا لموسى عليه السلام وقبضه إليه لمائة وعشرين سنة من عمره بعد أن عهد إلى فتاه يوشع أن يدخل ببني إسرائيل إلى الأرض المقدسة ليسكنوها ويعملوا بالشريعة التي فرضت عليهم فيها ودفن بالوادي
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»