تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٧٦
موسى وخشى القبط من ملوك الشأم فملكوا عليهم دلوكة من بيت الملك وهي التي بنت الحائط على أرض مصر ويعرف بحائط العجوز لأنها طال عمرها حتى كبرت واتخذت البرابى ومقاييس النيل ثم سمى المسعودي من بعد دلوكة ثمانية من ملوكهم على ذلك النحو من عجمة الأسماء وقال في الثامن انه فرعون الأعرج الذي اعتصم به بنو إسرائيل من بختنصر فدخل عليه مصر وقتله وهدم هياكل الصابئة ووضع بيوت النيران له ولولده وذكر في تواريخهم قال قال ابن عبد الحكم وهذه العجوز دلوكة هي التي جددت البرابى بمصر أرسلت إلى امرأة ساحرة كانت لعهدها اسمها ترورة وكانت السحرة تعظمها فعملت بربي من حجارة وسط مدينة منف وصورت فيها صور الحيوانات من ناطق وأعجم فلا يقع شئ بتلك الصورة الا وقع بمثالها في الخارج وكان لهم بذلك امتناع ممن يقصدهم من الأمم لأنهم كانوا أعلم الناس بالسحر وأقامت عليهم عشرين سنة حتى بلغ صبى من أبنائهم اسمه دركون بطلوس فملكوه وأقامت معه على ذلك أربعمائة سنة ثم مات فولوا ابنه يرديس بن دركون ومن بعده أخاه نقاس بن نقراس ومن بعده مرينا بن مرينوس ثم ابنه استمارس بن مرينا فطغى عليهم وخلعوه وقتلوه وولوا عليهم من أشرافهم بلوطيس بن مناكيل أربعين سنة ثم استخلف مالوس ابن بلوطيس ومات فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطيس ثم توفى فاستخلف ابنه بركة بن مناكيل فملكهم مائة وعشرين سنة وهو فرعون الأعرج الذي سبى أهل بيت المقدس ويقال انه خلع وقال ابن عبد الحكم وولى من بعده ابنه مرينوس بن بركة فاستخلف ابنه فرقون بن مرينوس فملكهم ستين سنة ثم هلك واستخلف أخاه نقاس بن مرينوس وكانت البرابى كلها إذا فسد منها شئ لا يصلحه الا رجل من ذرية تلك العجوزة الساحرة التي وضعتها ثم انقطعت ذريتها ففسدت البرابى أيام نقاس هذا وتجاسر الناس على طلب الملك الذي في أيديهم وهلك نقاس واستخلف ابنه قومس بن نقاس فملكهم دهرا ثم ملك بختنصر بيت المقدس واستلحم بنى إسرائيل وفرقهم وقتل وخرب ولحقوا بمصر فأجارهم قومس ملكها وبعث فيهم بختنصر فمنعهم وزحف إليه وغلب عليه وقتله وخرب مدينة منف وبقيت مصر أربعين سنة خرابا وسكنها أرمياء مدة ثم بعث إليه بختنصر فلحق به ثم رد أهل مصر إلى موضعهم وأقاموا كذلك ما شاء الله إلى أن غلب الفرس والروم على سائر الأمم وقاتل الروم أهل مصر إلى أن وضعوا عليهم الجزى ثم تقاسمها فارس والروم ثم تداولوا ملكها فتوالت عليها نواب الفرس ثم ملكها الإسكندر اليوناني وجدد الإسكندرية والآثار التي خارجها مثل عمود السواري ورواق الحكمة ثم غلب الروم على مصر والشأم وأبقوا القبط في ملكها وصرفوهم في
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 74 75 76 77 78 81 82 83 ... » »»