تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٥٤
من الجواهر والكنوز فنهاه الحبران عن ذلك وقالا له انما أراد هؤلاء هلاكك فقتل النفر من الهذليين وقدم مكة فأمره الحبران بالطواف بها والخضوع ثم كساها كما تقدم وأمر ولاتها من جرهم بتطهيرها من الدماء والحيض وسائر النجاسات وجعل لها بابا ومفتاحا ثم سار إلى اليمن وقد ذكر قومه ما أخذ به من دين اليهودية وكانوا يعبدون الأوثان فتعرضوا لمنعه ثم حاكموه إلى النار التي كانوا يتحاكمون إليها فتأكل الظالم وتدع المظلوم وجاؤا بأوثانهم وخرج الحبران متقلدان المصاحف ودخل الحميريون فأكلتهم وأوثانهم وخرج الحبران منها ترشح وجوههم وجباههم عرقا فآمنت حمير عند ذلك وأجمعوا على اتباع اليهودية ونقل السهيلي عن ابن قتيبة في هذه الحكاية ان غزاة تبع هذه انما هي استصراخة أبناء قيلة على اليهود فإنهم كانوا نزلوا مع اليهود حين أخرجوهم من اليمن على شروط فنقضت عليهم اليهود فاستغاثوا بتبع فعند ذلك قدمها وقد قيل إن الذي استصرخه أبناء قيلة على اليهود انما هو أبو جبلة من ملوك غسان بالشأم جاء به مالك بن عجلان فقتل اليهود بالمدينة وكان من الخزرج كما نذكر بعد ويعضد هذا ان مالك بن عجلان بعيد عن عهد تبع بكثير يقال إنه كان قبل الاسلام بسبعمائة سنة ذكره ابن قتيبة وحكى المسعودي في أخبار تبع هذا ان أسعد أبا كرب سار في الأرض ووطأ الممالك وذللها ووطئ أرض العراق في ملك الطوائف وعميد الطوائف يومئذ خرداد بن سابور فلقى ملكا من ملوك الطوائف اسمه قباذ وليس قباذ بن فيروز فانهزم قباذ وملك أبو كرب العراق والشأم والحجاز وفي ذلك يقول تبع أبو كرب إذ حسينا جيادنا من دماء * ثم سرنا بها مسيرا بعيدا - واستبحنا بالخيل خيل قباد * وابن اقليد جاءنا مصفودا - وكسونا البيت الذي حرم الله * ملاء منضدا وبرودا وأقمنا به من الشهر عشرا * وجعلنا لبابه اقليدا - * (وقال أيضا) * لست بالتبع اليماني إن لم * تركض الخيل في سواد العراق - أو تؤدى ربيعة الخرج قسرا * لم يعقها عوائق العواق - وقد كانت لكندة معه وقائع وحروب حتى غلبهم حجر بن عمرو بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة من ملوك كهلان فدانوا له ورجع أبو كرب إلى اليمن فقتله حمير وكان ملكه ثلثمائة وعشرين سنة ثم ملك من بعد أبي كرب هذا فيما قال ابن إسحاق ربيعة بن نصر بن الحرث بن نمارة بن لخم ولخم أخو جذام وقال ابن
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»