سنة ست وعشرين ولقيهم عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين ببرقة ثم ساروا إلى طرابلس فنهبوا الروم عندها ثم ساروا إلى إفريقية وبثوا السرايا في كل ناحية وكان ملكهم جرجير يملك ما بين طرابلس وطنجة تحت ولاية هرقل ويحمل إليه الخراج فلما بلغه الخبر جمع مائة وعشرين ألفا من العساكر ولقيهم على يوم وليلة من سبيطلة دار ملكهم وأقاموا يقتتلون ودعوه إلى الاسلام أو الجزية فاستكبر ولحقهم عبد الرحمن ابن الزبير مددا بعثه عثمان لما أبطأت أجنادهم وسمع جرجير بوصول المدد ففت في عضده وشهد ابن الزبير معهم القتال وقد غاب ابن أبي سرح وسأل عنه فقيل انه سمع منادى جرجير يقول من قتل ابن أبي سراح فله مائة ألف دينار وأزوجه ابنتي فخاف وتأخر عن شهود القتال فقال له ابن الزبير تنادى أنت بأن من قتل جرجير نفلته مائة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده فخاف جرجير أشد منه ثم قال عبد الله بن الزبير لابن أبي سرح أن يترك جماعة من ابطال المسلمين المشاهير متأهبين للحرب ويقاتلون الروم بباقي العسكر إلى أن يضجروا فيركب عليهم بالآخرين على غرة لعل الله ينصرنا عليهم ووافق على ذلك أعيان الصحابة ففعلوا ذلك وركبوا من الغد إلى الزوال وألحوا عليهم حتى أتعبوهم ثم افترقوا وأركب عبد الله الفريق الذين كانوا مستريحين فكبروا وحملوا حملة رجل واحد حتى غشوا الروم في خيامهم فانهزموا وقتل كثير منهم وقتل ابن الزبير جرجير وأخذت ابنته سبية فنفلها ابن الزبير وحاصر ابن أبي سرح سبيطلة ففتحها وكان سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار وسهم الرجل ألف وبث جيوشه في البلاد إلى قفصة فسبوا وغنموا وبعث عسكر إلى حصن الاجم وقد اجتمع به أهل البلاد فحاصره وفتحه على الأمان ثم صالحه أهل إفريقية على ألفى ألف وخمسمائة دينار وأرسل ابن الزبير بالفتح والخمس فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار وبعض الناس يقول أعطاه إياه ولا يصح وانما أعطى ابن أبي سرح خمس الخمس من الغزوة الأولى ثم رجع عبد الله بن أبي سرح إلى مصر بعد مقامه سنة وثلاثة أشهر (ولما) بلغ هرقل ان أهل إفريقية صالحوه بذلك المال الذي أعطوه غضب عليهم وبعث بطريقا يأخذ منهم مثل ذلك فنزل قرطاجنة وأخبرهم بما جاء له فأبوا وقالوا قد كان ينبغي أن يساعدنا مما نزل بنا فقاتلهم البطريق وهزمهم وطرد الملك الذي ولوه بعد جرجير فلحق بالشأم وقد اجتمع الناس على معاوية بعد علي رضي الله عنه فاستجاشه على إفريقية فبعث معه معاوية بن حديج (3) السكوني في عسكر فلما وصل الإسكندرية وهلك الرومي ومضى ابن حديج في العساكر فنزل قونية وسرح إليه البطريق ثلاثين ألف مقاتل وقاتلهم معاوية فهزمهم معاوية وحاصر حصن جلولاء فامتنع معه حتى سقط ذات سوره فملكه
(١٢٩)